fbpx
الرئيسيةتقاريرحقوقدولي

أسماء وهويات مدفونة

غياب بروتوكول موحّد لتحديد الهوية في إيطاليا يُعيق جهود التعرف على هوية الأشخاص الذين غرقوا في البحر الأبيض المتوسط.

كُتب على قبرها “فرانشيسكا باولا”، لكن الطفلة المدفونة هناك لم تكن بهذا الاسم. لا يعرف أحدٌ اسمها الحقيقي. ولا يحمل النعش الذي يحتضن رفاتها في مقبرة بلدة باولا، جنوب إيطاليا، سوى هذا  الرمز التعريفي: KR76F6. على بعد نحو 150 كيلومترًا إلى الشرق، في مقبرة مدينة كروتوني، تعلو شاهدةٌ أخرى تحمل اسم “علي” يرقد هناك طفلٌ آخر. لكن هذا الصبي أيضًا لا يحمل اسمه الحقيقي، كُتب له الرمز: KR16M0.

كان الطفلان من بين ركّاب قارب غرق في 26 فبراير 2023 قبالة شاطئ “ستيكاتو دي كوترو” في منطقة كالابريا. وقد انتُشلت جثتيّ الصغيرين من البحر مع 92 جثّة أخرى — معظمهم من الجنسية الأفغانية، بينهم 35 قاصرًا — كانوا يحاولون الوصول إلى أوروبا. بعد أكثر من عامين على الكارثة، لا تزال هناك ثماني ضحايا من ذلك الحادث مجهولي الهوية. من بينهم، الطفلة والطفل اللذان أطلقت عليهما السلطات اسمَي “فرانشيسكا باولا” و”علي”، كمحاولة لتحويلهما إلى رمزين للمأساة.

لكن لم تكن تلك أسماؤهم.

في إيطاليا، وهي الوجهة الرئيسية لمن يحاولون عبور وسط البحر المتوسط إلى أوروبا، يُدفن عدد هائل من الجثث التي تُنتشل من البحر دون أن تُعرف هويات أصحابها، ولا يُعرف عددهم بدقة، لأن البلاد لا تمتلك قاعدة بيانات مركزية تُدرج فيها بشكل منتظم كل من يلقى حتفه على الحدود البحرية. وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لم يتم تحديد هوية سوى 20٪ من الجثث التي انتُشلت في إيطاليا بين عامَيّ 2013 و2019، بينما انخفضت النسبة إلى 8٪ فقط بين 2020 و2021.

ما الذي يحدث في إيطاليا بعد وقوع حادث غرق؟ ما هي الإجراءات المتبعة للتعرّف على الضحايا؟ ولماذا يُدفن هذا العدد الكبير من الجثث دون اسم؟ في هذا التحقيق نُحلّل نظم التعرّف على جثامين المهاجرين، وما تتسم به من تعقيد وثغرات، والتبعات القاسية لذلك على آلاف العائلات التي تعيش هذا الانتظار في ظل عبء من الشك وعدم اليقين.

حادثة غرق قارب كوترو

— “تعرفنا عليه من خلال الملابس التي كان يرتديها. عرضوا عليّ صورة لجثته، لكن لم يكن من الممكن تمييز أي شيء. لم يكن لديه شعر، ولا وجه. بشرته كانت شاحبة تمامًا”.

فارزانة مالكي، شابة أفغانية تبلغ من العمر 28 عامًا، تعيش منذ نحو عشر سنوات في ألمانيا. تتحدث هنا عن عملية التعرف على ابن عمها عاكف، البالغ من العمر 6 سنوات، والذي غرق في حادثة كوترو — الحادثة ذاتها التي راح ضحيتها الطفلان اللذان أُطلق عليهما لاحقًا اسم “فرانشيسكا باولا” و”علي”.

كان هذا الحادث من بين أسوأ الكوارث التي شهدتها حدود أوروبا في السنوات الأخيرة: في الليل، وسط بحر هائج، غرق القارب “سمر لوف” — الذي أبحر من تركيا وعلى متنه نحو 200 شخص — على بُعد 150 مترًا فقط من شاطئ كوترو.

رغم أن فرونتكس (الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل) كانت قد أبلغت السلطات الإيطالية بسوء حالة القارب، لكن لم تصل فرق الإنقاذ إلا بعد فوات الأوان.

أثارت تلك الكارثة العديد من التساؤلات حول المسؤوليات المباشرة في ما جرى، وهو ما يخضع حاليًا لتحقيق قضائي. في هذه القضية — التي حرّكها من بين آخرين عدد من ذوي الضحايا — وُجّهت تُهم بالإهمال والقتل غير العمد إلى أربعة عناصر من قوات الجمارك المالية (Guardia di Finanza) واثنين من خفر السواحل الإيطالي. 

لقي برفقة ابن عمها عاكف، والداه وأخواه مصرعهم أيضًا في ذات حادثة الغرق. عندما علمت فارزانة بما حدث، قادت سيارتها دون توقف من ألمانيا برفقة والدتها حتى وصلت إلى صالة رياضية في مدينة كروتوني، حيث أقيمت صالة عزاء مؤقتة للضحايا الذين تم انتشال جثثهم. مشهد عشرات النعوش المصطفة على أرضية القاعة الرياضية انتشر في وسائل الإعلام حول العالم، وترسّخ في الذاكرة الجماعية الإيطالية كصورة مأساوية لا تُمحى.

بعد عامين، عادت فارزانة إلى كروتوني لإحياء الذكرى الثانية للمأساة وتذكير الحكومة الإيطالية بالوعود التي قطعتها لعائلات الضحايا — ومن بينها تسهيل إصدار تأشيرات لذويهم كي يتمكنوا من زيارة قبور أحبّائهم، وهو ما لم يتحقق في جميع الحالات.

حين تسترجع تلك الأيام، تتذكر الشابة الألم والمعاناة التي صاحبت عملية التعرف على جثث عائلتها.

— تعرفنا على الأصغر، حسيب، في اليوم الأول. استطعنا تمييزه من وجهه، رغم كثرة الإصابات.

كان الرضيع يبلغ من العمر سنة ونصف، وكان نعشه يحمل الرمز KR46M0: أي محافظة كروتوني (KR)، وترتيبه في عملية الانتشال (46)، وجنسه (M للذكور)، وعمره التقديري (0، في حالته).

أما الأم فقد عُثر على جثتها بعد تسعة أيام.

— تعرّفنا عليها من المجوهرات، كانت لا تزال ترتديها. لكن وجهها وسائر ملامحها لم تكن قابلة للتعرف. عمي [الذي عُثر عليه لاحقًا] تم التعرّف عليه من خلال صورة رخصة القيادة وبعض الأوراق التي كانت في جيبه.

قبل أن تعيد عملية التعرّف عليهم أسمائهم، كانت جثثهم مجرد رموز وأرقام: KR72F25 وKR91M37. خلف تلك الأرقام كانت ترقد مينا تيموري، 25 عامًا، وزوجها ذبيح الله، 36 عامًا. أما جثة ابنهما الأوسط، عارف، البالغ من العمر أربع سنوات، فلم يُعثر عليها قط. 

تقول فارزانة: “للأسف، لم يعد أحد يبحث عنه”.

عقب وقوع الكارثة، توجّه عدد من المتطوعين من منظمات إنسانية مختلفة إلى الصالة الرياضية في كروتوني، والتي كانت تُستخدم كموقع طارئ للاستجابة. من بين هؤلاء كانت سيلفيا دي ميو، رئيسة جمعية “الذاكرة المتوسطية” (Memoria Mediterranea – Mem.Med)، وهي منظمة تُعنى بدعم عائلات المهاجرين في البحث والتعرف على المفقودين أو المتوفين في البحر المتوسط.

في الأيام التالية للحادثة، قدّمت “ميم.ميد” الدعم للعائلات التي وصلت إلى كروتوني، وساهمت في جمع بيانات ما قبل الوفاة وما بعدها المتعلقة بالضحايا، تمهيدًا لتسليمها إلى الشرطة العلمية والصليب الأحمر للمساعدة في عملية التعرف على الهويات.


ترى دي ميو أن حادثة الغرق تلك كانت تتوفر فيها ظروف مثالية لعملية تعريف سريعة وفعالة بالضحايا، وذلك بسبب وفرة المعلومات المتاحة عنهم، وتواجد ذويهم والسلطات في موقع واحد. ومع ذلك، تؤكد دي ميو أن غياب خطة واضحة للتعامل مع الموقف أدى إلى تعطيل الإجراءات وتأخر عمليات التعرف.

تقول دي ميو عن السلطات: “لم يكونوا يعرفون ماذا يفعلون.” وتوضح أن المشكلة لم تكن فقط في غياب الإرادة السياسية، بل في عدم وجود لبروتوكول واضح أو أسلوب موحّد للتعامل مع مثل هذه الكوارث، وهو ما ساهم في ارتباك الاستجابة وتأخير الإجراءات.

تنتقد سيلفيا دي ميو أنه في البداية لم تُؤخذ عينات الحمض النووي من أفراد العائلات الذين وصلوا إلى كروتوني، لمقارنتها مع عينات الضحايا. ولم يتم ذلك إلا بعد ضغط مارسته “ميم.ميد” وجمعيات محلية مثل “سابير” — التي أطلقت، بالتعاون مع الناجين وذوي الضحايا، ما يُعرف بـ”شبكة 26 فبراير” — مما دفع النيابة العامة إلى السماح بأخذ العينات. حينها، كانت قد مضت أكثر من أسبوعين على وقوع الغرق.

الطبيب الشرعي ماسيمو ريتسو كان مسؤولًا عن تحليل جثث الضحايا. وفي شهادته أثناء محاكمة المتهمين بتنظيم الرحلة البحرية التي انتهت بالغرق، أوضح أنه تم تطبيق البروتوكول المعتمد في الكوارث الكبرى من أجل التحرك بأسرع ما يمكن، إذ أن الجثث التي تُنتشل من البحر تتحلل بسرعة بما يفوق المعدل الطبيعي بثلاثة أضعاف.

وبعد التعرّف على جثث أقاربهم، رفضت فارزانة وعائلتها إعادة الجثامين إلى أفغانستان، البلد الذي كانوا قد فرّوا منه. فتم نقل نعوش عائلة تيموري إلى ألمانيا لدفنها هناك — لكن بعد مواجهات وصعوبات.

—كانوا يريدون دفنهم هنا [في إيطاليا] من دون إذننا.

بعد عشرة أيام على الحادث، سعت وزارة الداخلية الإيطالية إلى نقل الجثامين التي لا تزال في الصالة الرياضية بكروتوني إلى المقبرة الإسلامية في بولونيا لدفنها هناك، حتى دون موافقة العائلات. أثار ذلك موجة غضب دفعت بالعديد من ذوي الضحايا إلى الاعتصام، وقطع الطريق أمام السيارات التي كانت تنقل الجثث. واضطرت الحكومة الإيطالية إلى التراجع.

في النهاية، تم دفن أربعة عشر جثمانًا فقط في بولونيا، بينما أُعيد سبعون جثمانًا إلى بلدانهم الأصلية: 48 إلى أفغانستان، 12 إلى ألمانيا، 6 إلى باكستان، و4 إلى دول أخرى هي تونس، فلسطين، إيران وفنلندا.

في كوترو، البلدة الصغيرة التي وقعت أمامها الكارثة، دُفن سبعة جثامين لا تزال حتى اليوم مجهولة الهوية، وفقًا لمجلس محافظة كروتوني. وردًّا على طلب معلومات قدّم في إطار هذا التحقيق، أوضحت المحافظة أن جثمانًا آخر دُفن في بلدة باولا: المقصود “فرانشيسكا باولا”.

لكن الوثيقة تغفل حقيقة أن ذلك الجثمان لا يزال، في الواقع، مجهول الهوية.

— قلتُ للعمدة إن ما كان يهمني حقًا هو أن آخذ طفلة أو طفلًا من بين تلك النعوش المجهولة الاسم وأحضره إلى مدينتنا.

من تتحدث هي ماريا بيا سيرّانو، النائبة السابقة لعمدة بلدة باولا. هي صاحبة فكرة دفن إحدى ضحايا الغرق من الأطفال في المقبرة البلدية باسم رمزي. وتوضح أنهم اختاروا اسم “فرانشيسكا باولا” تكريمًا للقديس الكاثوليكي المحلي، القديس فرنسيسكو دي باولا، شفيع الإقليم. تقول سيرّانو:

— أردتُ أن أُوكل أمر هذه الطفلة إلى جميع الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن. كي تشعر هذه الصغيرة بدفء وحضور أمهات مدينتنا.

رغم احتجاجات اتحاد الجاليات الإسلامية في إيطاليا — وهو هيئة تضم عدة جمعيات دينية — لا تزال الطفلة مدفونة في تلك المقبرة الكاثوليكية باسم لا يمت لها بصلة. إنه نوع من “الاستحواذ الرمزي” على الجثمان، قد يضيف تعقيدًا جديدًا إلى المتاهة التي تواجهها العائلات التي تبحث عن ذويها.

أما الطفل المدفون في كروتوني باسم “علي”، فقد أُطلق عليه هذا الاسم لأن أحد الناجين من الغرق قال إنه يعتقد أن الطفل كان يُدعى كذلك. بعد عام من الكارثة، دشّنت مدينة كروتوني ما سمّته “حديقة علي”، وهي ساحة مطلّة على البحر زُرع فيها 94 شجرة إحياءً لذكرى الضحايا.

لكن، في الفترة نفسها تقريبًا، تبيّن أن “علي” كان في الواقع يُدعى محمد سينا حسينِي، وكان على متن القارب مع والدته وشقيقته، وكلتاهما توفيت أيضًا. تم التعرف عليه بعد الوصول إلى والده، المقيم في تركيا، والذي قام بعملية التعرّف عبر مكالمة فيديو مع عناصر من الشرطة.

مع ذلك، لا يزال جثمان الطفل مدفونًا في كروتوني، بينما دُفنت والدته وشقيقته في مدينة بولونيا.

وعلى قبر الطفل محمد، بعد مرور عامين على الغرق، لا يزال الاسم المكتوب هو “علي”.

بعد عام: غرق قارب روتشيلا يونيكا

ظلّت كارثة كوترو تتصدّر عناوين الصحف الإيطالية لوقت طويل، وسلّطت الضوء على كيفية إدارة الحكومة لملف الهجرة. إقامة صالة عزاء جمعت فيها كل الجثامين سمح للعائلات بالالتقاء وممارسة الضغط على المؤسسات للتعرف على ذويهم. لكن بعد عام، وقعت حادثة غرق جديدة خلّفت العديد من الضحايا؛ وعلى النقيض من حادثة كوترو، أحاط الغموض والصمت الرسمي بكامل إجراءات التعامل مع الجثث والناجين هذه المرة.

في منتصف يونيو 2024، غرق مركب شراعي كان قد أبحر من تركيا وعلى متنه نحو 70 شخصًا — الغالبية العظمى منهم من الأكراد العراقيين، وأكثر من ثلثهم من القاصرين — وذلك على بُعد 120 ميلاً من سواحل كالابريا. ظل القارب تائهًا في البحر لعدة أيام، ولم تصل إليه المساعدة إلا في 17 يونيو، بعد أن وجّهت سفينة فرنسية نداءً إلى السلطات الإيطالية. لكن المساعدة جاءت متأخرة: نجا فقط 11 شخصًا من الركّاب.

من مياه البحر المتوسط تم انتشال 35 جثمانًا، من بينها جثث عشرة أطفال — وهي الأرقام التي أكّدتها محافظة ريجّو كالابريا. لكن الصحفي الصقلي سيرجيو سكاندورا، الذي تابع تفاصيل الغرق بدقة، يشكك في هذه الحصيلة، ويؤكد أن العدد الحقيقي هو 41 قتيلًا، استنادًا إلى تقارير من خفر السواحل. كما توفي شخص آخر بعد إنقاذه أثناء نقله إلى اليابسة.

عبدول هواري، ذو الأصول الكردية العراقية، فقد في ذلك الغرق ابن عمه وعائلته بالكامل: زوجته وابنتيه. حين علم بالحادث، استقلّ طائرة من لندن — حيث يقيم — إلى إيطاليا، وتوجّه إلى مستشفى سوفيراتو (في كاتنزارو)، حيث تم نقل بعض الناجين. في اليوم الأول، منعت الشرطة عبدول من التحدث إليهم.

— رجوتُ الشرطة أن يأخذوا هاتفي المحمول الذي يحوي صورًا لأقاربي ليروا إن كانوا من بين الناجين. قالوا إنهم سيفعلون. عادوا بعد نصف ساعة وقالوا لي: اجلس. نحن آسفون. لقد فقدت عائلتك. كانوا من بين القتلى، لم ينجُ أحد.

تم العثور على جثتي ابن عمه آرام وزوجته خونجة، وأُعيدتا إلى العراق في أغسطس 2024. ومعهم، نُقلت 11 جثة أخرى على متن طائرة عسكرية عراقية من طراز C130 إلى أربيل. لكن جثمان الطفلة ميلي، البالغة من العمر 6 سنوات، وميتسنا، 9 سنوات، لا يزالان حتى اليوم في عداد المفقودين، ما يمنع العائلة من إتمام الحداد.

في هذه الحالة، كانت عملية التعرف على الجثامين أكثر تعقيدًا من حادثة كوترو: كانت الأجساد في حالة تحلل متقدمة، ولم يكن هناك تقريبًا أي متعلقات شخصية. تم أخذ عينات حمض نووي من الجثث، وتسجيل بيانات ما بعد الوفاة بمساعدة موظفين من برنامج “استعادة الروابط العائلية” التابع للصليب الأحمر.

كما تم توزيع الناجين على عدة مستشفيات في المنطقة، مما جعل من الصعب على العائلات تحديد مكان أقاربهم، سواء أحياء أو أموات.

في 7 أغسطس من العام الماضي، دُفنت 21 جثة في ما يُعرف بـ”مقبرة المهاجرين” في منطقة آرمو، ضمن إقليم ريجّو كالابريا الجنوبي. تم التعرف على هوية تسعة من تلك الجثث خلال الأسابيع والأشهر التالية. ومع ذلك، حتى ديسمبر 2024، لم تكن هناك شواهد على القبور، وكانت العلامة الوحيدة عليها هي رقم الجثمان، دون اسم، مما جعل من المستحيل على العائلات تحديد الموقع الدقيق لقبر أحبائهم.

تمكنت جمعية الدراسات القانونية حول الهجرة (ASGI) من الدفع في نهاية المطاف نحو تثبيت لوحات تعريفية تحمل أسماء الضحايا الذين تم التعرف عليهم، مستندةً في ذلك إلى الحق في الاسم والهوية الشخصية.

في رد رسمي ضمن إطار هذا التحقيق، أكدت محافظة ريجّو كالابريا، المسؤولة عن ملف الغرق، أن الجثامين تم التعرف عليها من خلال “صور فوتوغرافية، الملابس، متعلقات أخرى، وفحص الحمض النووي عبر مقارنته بعينات قدمها أقارب الضحايا المحتملين”.

وقد أُرسلت العديد من عينات الحمض النووي من أربيل (عاصمة إقليم كردستان العراق) إلى وزارة الداخلية الإيطالية عبر المكتب الدبلوماسي لحكومة إقليم كردستان في إيطاليا، الذي تولى أيضًا تنسيق عمليات إعادة الجثامين. وأعرب مصدر من ذلك المكتب عن أسفه لأن عمليات التعرف على الجثث، باستثناء تلك التي أُعيدت في البداية، تمت في وقت متأخر جدًا.  تقول ممثلة عن ها المكتب:

— طلبنا ألا يتم دفن الجثث قبل تحديد هويتها، وللأسف قاموا بدفنها على أي حال.

باتت اليوم إعادة جثامين من تم التعرف عليهم بعد الدفن أكثر تعقيدًا، إذ تتطلب الحصول على ترخيص رسمي لإخراجها من القبر. بينما، لا تزال خلف الجثث المجهولة الهوية عشرات العائلات العالقة في دوّامة حداد لا تُغلق: إن غرقى كوترو وروشيلا يُجسّدون الوجه الأشد قسوةً لتحصين حدود الاتحاد الأوروبي.

متاهة الإدارة

من الصعب ترجمة الكلفة البشرية للسياسات الحدودية الأوروبية إلى أرقام دقيقة: العدد الرسمي للوفيات في البحر المتوسط أقل بكثير من الواقع — إذ إن العديد من حوادث الغرق تمرّ دون توثيق ولا تُدرج في الإحصاءات. وفي إيطاليا، جمع البيانات حول ضحايا هذه الحوادث مهمة شاقة: فالمعلومات مبعثرة بين إدارات عامة متعددة.

تشرح الباحثة جورجيا ميرتو، التي تعمل منذ سنوات على حصر وتوثيق المهاجرين الذين ماتوا في البحر، حيث تمرّ المعلومات عبر سلسلة إدارية معقدة تشمل سلطات محلية ومحافظات وإدارات حكومية، وغالبًا ما تضيع البيانات في الطريق أو تصبح غير صالحة للاستعمال.

ورغم الطلبات الرسمية المقدّمة في إطار هذا التحقيق، ردّت العديد من الجهات العامة بأن البيانات المطلوبة حول الغرق والتعرّف على الجثث “غير مسجلة”، أو أنها “ليست من اختصاصها”، أو “ليست في حوزتها”.

ورغم هذه العراقيل البيروقراطية، كانت إيطاليا سبّاقة في تأسيس منصب غير موجود في أي دولة أوروبية أخرى: المفوض الحكومي الاستثنائي لشؤون المفقودين. أُنشئ هذا المنصب في عام 2007، وتتمثل مهمته في الربط بين قاعدة بيانات المفقودين وقاعدة بيانات الجثث المجهولة الهوية.

حتى ذلك الحين، لم يكن هناك في إيطاليا سجل وطني خاص بالجثث مجهولة الهوية. ومن هنا نشأ نظام يُعرف باسم RiSc، اختصارًا لـRicerca Scomparsi (أي: البحث عن المفقودين)، يجمع بيانات قبل الوفاة وبعدها من خلال استمارات مخصصة.

لكن صُمّم هذا النظام أساسًا لمواطني إيطاليا — أو على الأكثر لمواطني دول الاتحاد الأوروبي — بناءً على مبررات، منها أن المهاجرين غير الإيطاليين لن يُبلَّغ عن فقدانهم، وبالتالي لن تكون هناك بيانات ما قبل الوفاة لمقارنتها.

هكذا، استثنى النظام بشكل مباشر جثث المهاجرين الغارقين، وتُركت في فراغ إداري غير منظّم.

رغم أن منصب المفوض يُعد مبادرة رائدة، إلا أن صلاحياته تبقى محدودة. وتوضح جورجيا ميرتو أن التحدي الأكبر يتمثل في غياب نظام يضمن تدفّقًا فعّالًا للمعلومات بين جميع الجهات المعنية. ويتفق معها عالم الأنثروبولوجيا فيليبو فوري، الذي يُجري بدوره أبحاثًا حول وفيات المهاجرين في طرق العبور نحو أوروبا:

—لا أحد يرسل المعلومات [إلى المفوض]، لذلك لا يمتلك القدرة ولا الأدوات التقنية الكافية للقيام بعمليات البحث، يقول فوري.

ما ترويه العظام

بعيدًا عن قواعد البيانات، يوجد في شمال إيطاليا مكانٌ يحاول فيه فريقٌ علميٌّ تحديد هويات الجثث من خلال تقنياتٍ دقيقةٍ وإصرارٍ طويل النفس: إنّه مختبر الأنثروبولوجيا وطبّ الأسنان الشرعيّ في جامعة ميلانو (LABANOF).

جدران المكان مغطّاةٌ بألواحٍ تُعرض عليها عظامٌ بشريّةٌ: كبيرةٌ وصغيرةٌ، لرجالٍ ونساءٍ، وأطفالٍ وحتّى لرضّعٍ. جميعها مرقّمةٌ. وتحت كلّ عظمةٍ، سطرٌ أو سطران يشرحان إلى أيّ جزءٍ من الجسد تنتمي، وماذا تخبرنا عنه: إصابةٌ في سنٍّ مبكرةٍ، فترة سوء تغذية، أو أمراض مثل السرطان وبعض أنواع العدوى.

هنا، في متحف الأنثروبولوجيا الشرعية الجامعي (MUSA) التابع لجامعة ميلانو، يمكن الشعور بروح العمل الذي ينجزه فريق مختبر LABANOF.

تُدير المختبر الطبيبة الشرعية كريستينا كاتّانيو، التي شاركت في عمليات التعرّف على الضحايا في كوارث كبرى — من بينها حادث مطار ليناتيه عام 2001 الذي أسفر عن مقتل 118 شخصًا. ينفذ المختبر أنشطة تُستخدم في مجالاتٍ جنائيةٍ وقضائيةٍ، وأيضًا في المجالين التاريخي والإنساني. وعلى مدى السنوات الأخيرة، أصبح مرجعًا رئيسيًا في تطوير منهجيات التعرف على ضحايا الغرق الجماعي.  كما يوضح دانيلو دي أنجيليس، عضو فريق كاتّانيو، من مقر المختبر:

—أحد الأهداف الأساسية لهذا المختبر كان دائمًا الاهتمام بالجثث مجهولة الهوية.

تأسّس مختبر LABANOF عام 1995، في وقتٍ لم تكن فيه ظاهرة الهجرة في إيطاليا بالحجم الذي وصلت إليه اليوم. ومع استحداث منصب المفوض الحكومي عام 2007، بدأ المختبر تعاونًا وثيقًا معه. في تلك المرحلة، كانت الهجرة عبر وسط البحر المتوسط لا تزال ظاهرة محدودة النطاق.

تاريخٌ مفصليٌّ: غرق قارب في قناة صقلية

كانت هناك لحظة فاصلة، :في ليلة 18 إلى 19 أبريل 2015، غرق قارب صيد في قناة صقلية، ما أسفر عن مصرع أكثر من ألف شخص، بينهم مئات المهاجرين الذين كانوا محتجزين في مخزن السفينة. وعندما انتشلت الحكومة الإيطالية حطام المركب وما تبّقى من جثثٍ الضحايا المتحلّلة، تولّى فريق مختبر LABANOF المهمّة الشاقة المتمثلة في التعرّف على هوياتهم.

—تسلّمنا 528 جثة و28,000 قطعة عظمية من ذلك الغرق.

تقول ذلك ديبورا ماتزاريلّا، وهي عضوة في فريق العالمة كريستينا كاتّانيو. نطلب منها أن تعيد ذكر الرقم، إذ نظن أننا لم نسمعه جيدًا: 28 ألف قطعة عظمية. إنها مهمة مرهقة بحق.

توضح ماتزاريلّا أنه بين عامَيّ 2014 و2017، وبفضل العلاقة الوثيقة مع المفوض الحكومي آنذاك لشؤون المفقودين، فيتوريو بيسيتيلّي، تمكّن المختبر من الحصول على بيانات ما بعد الوفاة من 68 حادث غرق إضافيًا، شملت ما مجموعه نحو ألفَي جثة.

كان هناك من يقول إن المهمة مستحيلة. لكن هذا فريق الطب الشرعي هذا أراد أن يبرهن أن تحديد هوية جثث بهذا المستوى من التحلّل، ومع ندرة المعلومات المتوفرة، ليس فقط ممكنًا، بل ضروريًا.

ولقد كان ممكنًا فعلًا.

تختلف التقنيات المستخدمة، كما يوضح كل من دي أنجيليس وماتزاريلّا، لكن الفريق متفقٌ على أنّ التعرّف البصري لا يُعتمد عليه كثيرًا.

—من الممكن أن يخطئ أحد أفراد العائلة، تقول ماتزاريلّا. في أبحاث علمية وسياقات مثل تسونامي تايلاند، ثبت أن 30% من عمليات التعرّف البصرية كانت خاطئة.

وتضيف أنّ حتى فحوص الحمض النووي لها حدودها. من أبرز تلك القيود استحالة الحصول على عينات جينية من أقارب الضحايا، الذين غالبًا ما يكونون على بُعد آلاف الكيلومترات من إيطاليا.  يصرّ دي أنجيليس:

—حين نسمع القول إن الجينات هي الوسيلة الوحيدة للتعرف على الهويات، لا نوافق على ذلك إطلاقًا. صحيح أنها أداة قوية ويجب بلا شك الاستعانة بها، لكنها وحدها لا تكفي.

ويتفق معه زملاؤه في أن المقابلات مع العائلات لجمع معلومات أنثروبولوجية عن الضحية تُعد جزءًا جوهريًا من عملية التعرف.

لكن نقل هذا النموذج إلى دول أخرى يتطلب إرادة مؤسسية، بحسب دي أنجيليس. ففي إيطاليا هناك قانون صدر عام 2009 ينصّ على أخذ عينة جينية من كل جثة مجهولة الهوية. لكن القانون لا يفرض تحليل العينة لاستخراج البصمة الوراثية، بل مجرد أخذها. ومن دون عقوبات عند المخالفة، غالبًا ما يتم تجاهل هذا الالتزام.

يعتقد دي أنجيليس أن التقدم الحقيقي سيأتي فقط إذا فرض الاتحاد الأوروبي تشريعًا يُلزم الدول الأعضاء بجمع العينات والبيانات من الجثث بشكل منهجي.

—الأمر لا يتعلق بموقف سياسي. بالنسبة لنا هو مسألة تقنية علمية. وبالنسبة للعالم كله، يجب أن يكون ببساطة مسألة إنسانية. نقوم به لأنه واجب.

النيابة العامة

أثبت مختبر LABANOF أن تقنيات تحديد الهوية موجودة، رغم تعقيدها وبطئها. لكن، في نهاية المطاف، يتطلب بدء عملية التعرف على جثة بعد حادث غرق من هذا النوع صدور أمر رسمي من النيابة الإيطالية.

وعلى جدار الممر المؤدي إلى مكتب المدعي العام سالفاتوري فيلا، هناك سلسلة من الصور توثق لحظة انقلاب قارب محمّل بالمهاجرين في 16 مايو 2016 قرب السواحل الليبية. قُتل فيه نحو 280 شخصًا.

فيلا، الذي يشغل حاليًا منصب المدّعي العام في بلدية جيلا في صقلية، كان في ذلك الوقت نائب المدعي العام في أغريجنتو، وكان يشرف أيضًا على جزيرة لامبيدوزا، إحدى أهم نقاط الوصول عبر البحر المتوسط من أفريقيا. ذلك الغرق كان واحدًا من العديد من الحوادث التي وقعت خلال فترة تولّيه.

—كان حادث الغرق الأكثر دموية الذي تعاملت معه. قرابة 280 قتيلًا. تم التعرف فقط على خمسة منهم.

أما البقية، فلم يُعرف عنهم سوى أنهم رجال ونساء وأطفال، محبوسون في مخزن السفينة. لا شيء أكثر من ذلك.

—لكن هذا لا يُغيّر شيئًا في القضية الجنائية. الجاني سيُحاسَب على الجريمة بغضّ النظر عن هوية الضحايا. التعرف على هوية المتضررين ليس أولوية.

من خلف مكتبه، يشرح فيلا أن وراء كل حادثة غرق هناك فرضية بوقوع جريمة: تسهيل الهجرة غير النظامية، ولهذا تتدخل النيابة العامة. فحوادث الغرق تُعامل كقضايا جنائية. لكن، من الناحية الإجرائية، لا يكون من الضروري عادةً التعرف على هوية الضحايا لحلّ القضية. القيام بذلك لا يخدم التحقيق، بل قد يعيقه لما يستلزمه من وقت وتكاليف لا يتحملها المسار القضائي.

—مع عدد الوفيات في وسط البحر المتوسط، من المستحيل التعرف على كل الجثامين كجزء من إجراءات قضائية، مستحيل، يكرر بنبرة حازمة، لأن ذلك يتطلب وقتًا وتكاليف ضخمة. والهدف داخل عملية جنائية لا يمكن أن يكون إنسانيًا فقط.

لهذا السبب، عادةً لا يأمر وكلاء النيابة بالتعرف على جثث المهاجرين (إلا إذا كانت له صلة بالقضية). ويُضيف فيلا أن الغالبية العظمى من الحالات تُفتح فيها ملفات قضائية ضد “مجهولين”، ثم تُحفظ وتُنسى.

يُدرك فيلا جيدًا التحديات العملية التي تعيق عمليات التعرف على الجثث في مواقع الإنزال مثل جزيرة لامبيدوزا: فلا توجد ثلاجات لحفظ الجثامين: “في لامبيدوزا، ليس هناك واحدة فقط!” إلى جانب أن الضحايا غالبًا ما يتجنبون التواصل مع المؤسسات خلال رحلتهم، ويحاولون ألّا يتركوا خلفهم أي أثر…

مثل زملائه في مختبر LABANOF، يتحدث عن صعوبة الحصول على عينات DNA من أقارب الضحايا المباشرين. وينظر بشيء من التحفّظ إلى المبادرات التي تدعو إلى إنشاء قاعدة بيانات أوروبية لتقاسم المعلومات حول المهاجرين المفقودين و الجثامين المجهولة: يرى أنها ستكون مفيدة “لكن معقدة للغاية”.

—يمكنك أن تضع في غرفة ببروكسل ثمانية خوادم لإنشاء بنك بيانات. لكن إن لم توفّر المال والبُنى اللازمة لأخذ عينات DNA في نقاط الوصول، فسيتحّول كل هذا إلى غطاء لتسكين ضميرنا الغربي.

ويُشدّد على أن الخطوة الأولى يجب أن تكون توفير غرف للموتى وثلاجات وفرق طبية في أماكن الإنزال.

ويُشير أيضًا إلى حساسية مشاركة البيانات مع بلدان الضحايا، لأن كثيرًا من المهاجرين يفرّون من أوطانهم بسبب الاضطهاد لأسباب متعددة.

خلال سنوات عمله في أغريجنتو، حرص فيلا في بعض الحالات على استرجاع جثث من البحر لأخذ عينات الحمض النووي. ويستذكر حادثة غرق وقعت قرب لامبيدوزا عام 2019، حيث تم إرسال روبوت تحت الماء للمساعدة في تحديد مكان الجثث. وقد التُقطت صور نُشرت في وسائل الإعلام الدولية، وتعرّفت بعض الأمهات التونسيات على أبنائهن من الملابس. عندما أُخرجت الجثامين من البحر، كانت ملامحها قد تلاشت، فأُخذت منها عينات جينية.

أثارت القضية موجة تعاطف، ما دفع السلطات التونسية — في خطوة نادرة — إلى السماح لتلك الأمهات باستخدام مختبرات الدولة لأخذ عينات الحمض النووي وإرسالها إلى إيطاليا، ثمّ سهّلت لهن السفر إلى هناك. كما سافرت أمهات أخريات كنّ يعرفن أن أبناءهن كانوا على متن القارب، لكن جثثهم لم تُعثر عليها. عدنَ إلى ديارهن دون توابيت.

—في النهاية، كانت هناك أمهات فقدن أبناءهن، لكنهن كنّ ممتنات لأنهن عدن بتابوت. وأمهات فقدن أبناءهن، محطمات أكثر مما كنّ عليه من قبل، لأنهن عدن بلا جثة يبكينها.

مقابر

بنجاح أو دون نجاح، ينتهي المسار المعقّد للتعرّف على الضحايا دائمًا في المقابر. في إيطاليا، تنتشر مئات القبور المجهولة الهوية في مقابر بأنحاء البلاد، خصوصًا في الجنوب.

في الجزء الخلفي من مقبرة كاتانيا (صقلية)، توجد ساحة مهملة حيث تُدفن من يُعتبرون غير كاثوليك. هناك تقع منطقة دفن المهاجرين: كثير من قبورها مجهولة. النقوش على الشواهد تتكوّن غالبًا من رموز؛ أحيانًا يُذكر ما إذا كانت الجثة لذكر أو أنثى، وأحيانًا يُشار إلى اسم القارب الذي غرق وتاريخه: Topaz، 2 أغسطس 2016؛ Diciotti، 1 يوليو 2016… في المجمل، هناك أكثر من 80 قبرًا. أبعدها — رقم 85 — كُتب عليه: “Cadaveri Sconosciuti. Sbarco del 5/5/2017” (جثث مجهولة. إنزال 5/5/2017).

رغم شُحّ المعلومات على القبور، يُعد هذا الركن من المقبرة أحد أكثر المواقع توثيقًا في إيطاليا. فمنذ سنوات، قرر فريق من المختصين جمع بيانات حول 270 جثمانًا دُفنوا هناك، بالاستعانة بجهات عدة مثل الصليب الأحمر، النيابة العامة، البلديات وغيرها.

النتيجة كانت “خريطة” تتضمن تفاصيل عن كل شخص مدفون في تلك القبور — نموذج يُسهّل على العائلات العثور على ذويهم.

يشدّد فلّيبو فوري، أحد المشاركين في هذا المشروع، على أهمية التعرّف على الجثمان قبل دفنه تحت عنوان “مجهول”. وإلّا، فإنّ المعلومات لا تنتقل إلى البلدية أو المحكمة المدنية، التي من المفترض أن تضعي الاسم على القبر. وعدم كون ذلك رسميًا يمنع إصدار، على سبيل المثال، شهادة الوفاة، والتي تُعد ضرورية في العديد من البلدان لمعالجة مساعدات مثل معاش الأرملة. عبر مشروع الخرائط يسعى الفريق إلى منع حدوث مثل هذه الحالات.

نحن نبتعد عن ساحة القبور الخاصّة بـ:”غير الكاثوليك”، وبالتوازي نمرّ أمام نصب تذكاري لمن ماتوا أثناء عبور البحر المتوسط. يحيط به سبعة عشر حجرَ نصبٍ أبيض: قبورٌ تضم سبعة عشر ضحيةً في حادثة غرق وقعت في مايو 2014. لا أسماء فيها ولا رموزٌ أبجدية – رقمية؛ على الألواح الرخاميّة تُنقش أبيات من شعر الكاتب النيجيري وولي سوينكا تتحدّث عن الهجرة والموت.

يقول أحد الأبيات فوق القبور:
Nessuno sa il mio nome.

لا أحد يعرف اسمي.

تم إعداد هذا التحقيق بدعم من صندوق الصحافة الأوروبية

Authors

Apóyanos
Con tu aportación haces posible que sigamos informando

Nos gustaría pedirte una cosa… personas como tú hacen que Baynana, que forma parte de la Fundación porCausa, se acerque cada día a su objetivo de convertirse en el medio referencia sobre migración en España. Creemos en el periodismo hecho por migrantes para migrantes y de servicio público, por eso ofrecemos nuestro contenido siempre en abierto, sin importar donde vivan nuestros lectores o cuánto dinero tengan. Baynana se compromete a dar voz a los que son silenciados y llenar vacíos de información que las instituciones y las ONG no cubren. En un mundo donde la migración se utiliza como un arma arrojadiza para ganar votos, creemos que son los propios migrantes los que tienen que contar su historia, sin paternalismos ni xenofobia.

Tu contribución garantiza nuestra independencia editorial libre de la influencia de empresas y bandos políticos. En definitiva, periodismo de calidad capaz de dar la cara frente a los poderosos y tender puentes entre refugiados, migrantes y el resto de la población. Todo aporte, por pequeño que sea, marca la diferencia. Apoya a Baynana desde tan solo 1 euro, sólo te llevará un minuto. Muchas gracias.

Apóyanos
ادعمنا
بمساهمتك الصغيرة تجعل من الممكن لوسائل الإعلام لدينا أن تستمر في إعداد التقارير

نود أن نسألك شيئًا واحدًا ... أشخاص مثلك يجعلون Baynana ، التي هي جزء من Fundación porCausa ، تقترب كل يوم من هدفها المتمثل في أن تصبح وسيلة الإعلام الرائدة في مجال الهجرة في إسبانيا. نحن نؤمن بالصحافة التي يصنعها المهاجرون من أجل المهاجرين والخدمة العامة ، ولهذا السبب نقدم دائمًا المحتوى الخاص بنا بشكل علني ، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه القراء أو مقدار الأموال التي لديهم. تلتزم Baynana بإعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم وسد فجوات المعلومات التي لا تغطيها المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. في عالم تُستخدم فيه الهجرة كسلاح رمي لكسب الأصوات ، نعتقد أن المهاجرين أنفسهم هم من يتعين عليهم سرد قصتهم ، دون الأبوة أو كراهية الأجانب.

تضمن مساهمتك استقلالنا التحريري الخالي من تأثير الشركات والفصائل السياسية. باختصار ، الصحافة الجيدة قادرة على مواجهة الأقوياء وبناء الجسور بين اللاجئين والمهاجرين وبقية السكان. كل مساهمة ، مهما كانت صغيرة ، تحدث فرقًا. ادعم Baynana من 1 يورو فقط ، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة. شكرا جزيلا

ادعمنا
زر الذهاب إلى الأعلى
ملخص الخصوصية

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط حتى نتمكن من تقديم أفضل تجربة مستخدم ممكنة لك. يتم تخزين معلومات ملفات تعريف الارتباط في متصفحك وتقوم بوظائف مثل التعرف عليك عند العودة إلى موقعنا أو مساعدة فريقنا على فهم أقسام الموقع التي تجدها أكثر إثارة للاهتمام وفائدة.

مزيد من المعلومات في سياسة ملفات تعريف الارتباط.