لم ترحب إسبانيا بيوسف صلاح الدين (26 عامًا) كما كان يتوقع. وصل إلى جزر الكناري بالقارب في نوفمبر 2020، ودفعَ 2500 يورو مقابل الرحلة. جاء الشاب بهدف العمل وإرسال الأموال إلى عائلته مثل العديد من أقرانه، لكن تم اعتقاله من قبل الشرطة الوطنية في أبريل الماضي بسبب شجار في مركز الاستقبال Las Raíces، وهو المكان الذي تعرّف فيه على “باولا فرانكو”، زوجته المستقبلية، والمتطوعة في جمعية تدعم المهاجرين. أمضى الشاب ثمانية أشهر في السجن، بالرغم من عدم وجود أدلة كافية لإدانته، وفقًا للمحامية المُوكّلة بقضيته.
قبل وصوله إلى معسكر “لاس رايثيس”، قضى يوسف أيامه الأولى مع حوالي 2000 مهاجر في ميناء “أرغون غوين” بسبب عدم توقع السلطات قدوم هذا العدد من المهاجرين، ثم تم إيواءه في إحدى الفنادق، التي تم تحويلها إلى مركز استقبال بسبب الضغط، وبعد ذلك وصل إلى المعسكر.
كان المكان الذي أُرسل إليه صلاح الدين ومهاجرون آخرون في فبراير 2021 عبارة عن ثكنة عسكرية سابقًا، تم تحويلها إلى مركز استقبال للمهاجرين. يعيش حاليًا 650 شخصًا في هذا المعسكر، وفقًا لـ “أكثم”، وهي منظمة غير حكومية مسؤولة عن إدارة هذا المعسكر.
أفاد صلاح الدين بأنّه في 27 أبريل 2021، تشاجر أحد الصبية مع أحد رجال الأمن في المعسكر بالقرب من مداخل الحمامات مباشرة، ورأى كيف أخذوه بعيدًا: “لقد لحقت بهم من بعيد وفجأة أمسكوا بي أيضًا وأخذوني إلى مركز الشرطة”، يشرح الشاب. حيث قالت محاميته “لويلا منت المامي” لمجلة بيننا أنّهم وضعوه في السجن دون ارتكاب أي جريمة.
وفقًا لوثائق القضية التي اطّلعت عليها مجلة بيننا، كانت محكمة التعليمات رقم 3 في “سان كريستوبال دي لا لاغونا” هي أول من سمع بما حدث، لكنها لم تُعطي اهتماماً. والمحكمة المعروفة برقم 2 صدّقت على حرمان صلاح الدين وثلاث من رفاقه من حريتهم، استنادًا لبعض الوقائع، التي وصفها مكتب المدعي العام في البداية بأنها جرائم الإخلال بالنظام العام والتهديدات واستخدام أدوات خطرة – أنبوب حديدي – يعاقب عليها بالسجن لمدة 11 عام.
بعد إجراء المحاكمة الشفوية والاطلاع على وقائع المتورطين، طالبت النيابة بتخفيف عقوبة صلاح الدين والآخرين المحكوم عليهم بسبع سنوات لعدم كفاية الأدلة. كما كان هناك تفاوت في رواية ما حدث. نفى العديد من متطوعي منظمة “أكثم” هذه الوقائع، وقدم حرّاس الأمن روايات مختلفة. وبحسب ادّعاء الأخير، فقد واجه أحد المهاجرين في المخيم أحد حرّاس الأمن وانتهى الأمر برمي الحارس أرضًا، بينما هدد صلاح الدين وأشخاص آخرون بقية الحراس بشفرات الحلاقة.
الحكم – الذي لم يكن نهائيًا – أصدرته محكمة مقاطعة “سانتا كروث دي تينيريفي”، تم الحكم بالسجن لمدة عام بتهمة الإخلال بالنظام العام. ووفقًا للحكم الصادر عن المحكمة المذكورة، فإنّ الشيء الوحيد الّذي تمّ التحقّق منه هو أنّ شخصًا وبّخ حارس الأمن، ثم رمى به أرضًا واختبأ في غرفة الصيانة. وجاء المزيد من الحراس وغيرهم من الأشخاص – ومن بينهم صلاح الدين – حيث تم محاصرة الحراس وتوبيخهم وتهديدهم بشفرات الحلاقة في محاولة لمنعهم من أخذ زميلهم.
في النهاية، دفعت النسخ المختلفة القضاة الثلاثة في المحكمة الإقليمية إلى تخفيف العقوبة إلى سنة واحدة في السجن. وبما أن الأربعة قد أمضوا بالفعل 8 أشهر في الحبس الاحتياطي بسبب النقص أصول البيانات، وقد قدم محامو الدفاع استئنافًا ضد القرار المذكور، لذلك تم الإفراج عنهم.
تؤكد محامية صلاح الدين أنه بالنسبة للقضاة “لا يهم ما تقوله، بل ما يمكنك إثباته”، بينما تقول باولا أنها عندما ذهبت لتقديم الوثائق للتحقق من أن صلاح الدين له جذور معها لأنهما عاشا معًا، أخبرتها القاضية أن “كل هذا كان مجرد هراء، لأنه ليس من الممكن أن تقع امرأة إسبانية في حبّه في الظروف التي كان فيها في المخيم”.
في 23 نوفمبر 2021، الذي يصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان، عقدت آخر محاكمة وأطلق سراح الشبّان بعد ثمانية أشهر في نهاية المدة القصوى التي يمكن أن يقضوا فيها رهن الحبس الاحتياطي. يقول يوسف إنه شعر بالعجز واليأس في الأشهر التي قضاها في السجن: “كنت أفكر في عائلتي كل يوم، ولا أتمنى أن يحدث ما عايشته مع أحد”، يعبّر الشاب.
عنصرية مؤسساتية
يروي صلاح الدين وباولا قصتهما مؤكدين على العنصرية المؤسسية: “العديد من المهاجرين لا يعرفون اللغة الإسبانية، وفي السجن لا يوجد مترجمون فوريون، لذلك فإن أي إجراء بالنسبة لهم هو أكثر تعقيدًا بمقدار 3000 مرة من أي شخص من جزر الكناري”، يؤكد الشاب، إذ تشير الفتاة إلى أن “هناك حوالي 100 شخص داخل السجن في نفس الوضع”.
تؤكد المحامية “منت المامي” أن لديها المزيد من القضايا مثل قضية صلاح الدين لأن السلطات تحاول إرسال رسالة رعب إلى السكان المهاجرين: “أي شيء يحدث في المخيم سيكون له هذه العواقب وسينتهي الأمر بالناس في الحبس الاحتياطي”. وبالمثل، تقول المحامية أن العدالة تعرّض المهاجرين لمستويات غير متناسبة من العنف من خلال تقييد حرية الشباب دون دليل على ارتكابهم جرائم، علاوة على تركهم وهم بدون سوابق جنائية مع سجناء آخرين.
تروي باولا بفرح كيف عاشت إطلاق سراح صلاح الدين من السجن: “اتصلت بي المحامية، وعندها أصبت بالتوتر الشديد لأنها لم تتصل بي بأخبار سارّة خلال ثمانية أشهر مضتْ. أخبرتني أن أهدأ، وقالت أن صلاح الدين سيغادر اليوم … لقد جننت، وبدأت أبكي، اتصلت بأمي وذهبت إلى السجن لأنتظر”.
الظروف في معسكر “لاس رايثيس”
يصف صلاح الدين وباولا الظروف المعيشية في لاس رايثس بأنها بائسة: تسمم غذائي، ونقص في العاملين الصحيين، وانعدام الشفافية من جانب المنظمة غير الحكومية التي تدير المخيم. في ضوء ذلك، قرر حوالي 60 فتى من المخيم إقامة اعتصام احتجاجي على هذه الظروف في عام 2021 وقد استمر من فبراير إلى مايو.
فيما يتعلق بنقص الرعاية الصحية في المعسكر، نفت المسؤولة عن منظمة “أكثم” في جزر الكناري، “ماريا غارثيا”، هذه المزاعم، مشيرة إلى أن الفريق الطبي يتألّف حاليًا من 17 شخصًا.
ومن خلال مكالمة هاتفية مع مجلة بيننا، أكدت “غارسيا” أن شركات المواد الغذائية متعاقدة مع وزارة الدمج والضمان الاجتماعي والهجرة، وليس المنظمة، وأنه في البداية كانت هناك شكاوى تتعلق بالغذاء والتي قدمت “أكثم” استجابة منسقة لها. وأصبحت تقدم طعام مناسب للأشخاص في المعسكر.
وبخصوص ما حدث مع صلاح الدين وزملائه، أوضحت المسؤولة أن عمل المنظمة هو عمل اجتماعي ويقتصر على إبلاغ المسؤولين في حالة حدوث نزاع، وفي هذه الحالة تتدخل الشرطة الوطنية. تؤكد “غارثيا” أنه “عند اتخاذ القرارات في المحكمة، يجب احترامها”.
يشارك الشاب صلاح الدين الآن كمتطوع في إحدى الحدائق. كما أنّ لديه موعد لتقديم طلب اللجوء ويفكر برفقة باولا في إضفاء الطابع الرسمي على علاقتهم، وإتمامها بالزواج.
En español
Nos gustaría pedirte una cosa… personas como tú hacen que Baynana, que forma parte de la Fundación porCausa, se acerque cada día a su objetivo de convertirse en el medio referencia sobre migración en España. Creemos en el periodismo hecho por migrantes para migrantes y de servicio público, por eso ofrecemos nuestro contenido siempre en abierto, sin importar donde vivan nuestros lectores o cuánto dinero tengan. Baynana se compromete a dar voz a los que son silenciados y llenar vacíos de información que las instituciones y las ONG no cubren. En un mundo donde la migración se utiliza como un arma arrojadiza para ganar votos, creemos que son los propios migrantes los que tienen que contar su historia, sin paternalismos ni xenofobia.
Tu contribución garantiza nuestra independencia editorial libre de la influencia de empresas y bandos políticos. En definitiva, periodismo de calidad capaz de dar la cara frente a los poderosos y tender puentes entre refugiados, migrantes y el resto de la población. Todo aporte, por pequeño que sea, marca la diferencia. Apoya a Baynana desde tan solo 1 euro, sólo te llevará un minuto. Muchas gracias.
Apóyanosنود أن نسألك شيئًا واحدًا ... أشخاص مثلك يجعلون Baynana ، التي هي جزء من Fundación porCausa ، تقترب كل يوم من هدفها المتمثل في أن تصبح وسيلة الإعلام الرائدة في مجال الهجرة في إسبانيا. نحن نؤمن بالصحافة التي يصنعها المهاجرون من أجل المهاجرين والخدمة العامة ، ولهذا السبب نقدم دائمًا المحتوى الخاص بنا بشكل علني ، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه القراء أو مقدار الأموال التي لديهم. تلتزم Baynana بإعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم وسد فجوات المعلومات التي لا تغطيها المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. في عالم تُستخدم فيه الهجرة كسلاح رمي لكسب الأصوات ، نعتقد أن المهاجرين أنفسهم هم من يتعين عليهم سرد قصتهم ، دون الأبوة أو كراهية الأجانب.
تضمن مساهمتك استقلالنا التحريري الخالي من تأثير الشركات والفصائل السياسية. باختصار ، الصحافة الجيدة قادرة على مواجهة الأقوياء وبناء الجسور بين اللاجئين والمهاجرين وبقية السكان. كل مساهمة ، مهما كانت صغيرة ، تحدث فرقًا. ادعم Baynana من 1 يورو فقط ، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة. شكرا جزيلا
ادعمنا