fbpx
الرئيسية

شمال غرب سوريا: أمستْ على حرب وأصبحت على زلزال

جغرافيا معقدة وحالة حرب مستمرة في سوريا، وجاء الزلزال ليُضاعف المعاناة. أما المنظمات المحلية فتعمل هناك بأيدي متطوعيها بدون أي مساعدة، حيث تُرك الناس لمواجهة مصيرهم تحت ركام منازلهم.

Ayham Al Sati – Okba Mohammad

سلّط الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من شهر شباط، وأدى إلى مقتل ما يقرب من 50 ألف ودمار بلدات بأكملها، الضوء على هشاشة شمال غرب سوريا، التي تعيش حالة حرب منسية ستدخل عامها الثاني عشر. لقد فتحت الكارثة فصلاً أسوداً جديداً في السيناريو، حيث رغم حالة الطوارئ، بقيت هذه المنطقة على هامش المساعدات الدولية.

يعتبر هذا الزلزال هو الأعنف منذ حوالي قرن، حيث بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر. ونتج عنه مقتل 30 ألف في تركيا، وفي سوريا أكثر من 4.500 وأُصيب أكثر من 100 ألف في كلا البلدين. فيما كان تأثير الزلزال كبيراً لأن البنية التحتية متضررة في هذا البلد بشكل كبير، بسبب القصف والتفجيرات. الأمر الذي أدى لانهيار سريع للعديد من الأبنية فور وقوع الزلزال. فضلاً عن هشاشة المجال الطبي والإسعافي والإنساني بشكل عام. 

مدنيون في منطقة جنديرس بريف حلب فوق ركام مبنى سكني دمره الزلزال. عماد البصيري

لفهم تأثير الزلزال في سوريا، من الضروري تحديد المناطق المتضررة والقوى التي تتحكم فيها. كانت المناطق المتضررة من الزلزال هي: محافظات اللاذقية وطرطوس وحلب وحماة الواقعة تحت سيطرة النظام السوري وحلفائه روسيا وإيران، والمنطقة الأخرى التي تضررت من الزلزال هي منطقة شمال غربي سوريا المتمثلة بإدلب وأجزاء من ريفي محافظتي حلب وحماة، والتي تقع تحت سيطرة المعارضة المسلّحة وحليفتها تركيا، إضافة لسيطرة هيئة تحرير الشام ( تنظيم جبهة النصرة سابقًا) على جزء من المنطقة. 

لا توجد في منطقة شمال غرب سوريا حكومة فعلية، إذ لا تحظى أي من المجموعات المختلفة التي تتنافس على السيطرة باعتراف دولي. حيث هناك حكومة الإنقاذ السورية التابعة لهيئة تحرير الشام، وتسيطر على محافظة إدلب ولا تحظى بقبول شعبي بسبب انتهاكاتها المتكررة لحقوق الإنسان، واضطهاد النشطاء والصحفيين. من جهة أخرى، هناك الحكومة السورية المؤقتة المعارضة لنظام الأسد، مقرها في في ريف حلب، وهي غير موحَّدة ولا تمثل جميع مجموعات المعارضة، ولا تحظى باعتراف السكان ولا بالدعم الدولي.

تعتبر كما أن باقي الجغرافية  السورية مليئة بالتعقيدات. بالنسبة للمناطق التي لم تتضرر من الزلزال مثل درعا جنوباً، تلك المنطقة التي انطلقت منها الثورة السورية، وبدأت فيها المظاهرات في آذار 2011، ثم اتسعت إلى جميع أنحاء البلاد، وعندما انشق بعدها جزء من جيش النظام السوري وانضمّ إلى الانتفاضة الشعبية، التي تحولت إلى نزاع مسلّح على الساحة السورية. وكانت هناك قوى دولية تدعم النظام بالأساس، مثل (روسيا وإيران). ومن ناحية أخرى دعمت الولايات المتحدة ودول غربية، المعارضة التي تتكون من مجموعات واسعة في مختلف أنحاء البلاد.

بقيت معظم مناطق درعا مهد الثورة حتى العام 2018 تحت سيطرة المعارضة (بدعم من الولايات المتحدة والأردن ودول الخليج)، باستثناء بعض البلدات التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية. وفي آب من ذلك العام، سيطر نظام الأسد عليها وأجبر بعض المعارضين على مغادرة المدينة إلى شمال غرب سوريا. لكن فصائل المعارضة ذات القاعدة الشعبية الكبيرة ما زالت موجودة في درعا، والتي يستخدم النظام ضدها، استراتيجية حرب سرية تضم فصائل معارضة وجماعات إسلامية ومخابرات النظام المتحالفة مع الميليشيات الإيرانية. في عام 2022 وحده، لقي هناك أكثر من 600 شخص مصرعهم في درعا في هذا الصراع الصامت (نصفهم من المدنيين)، وفقًا لبيانات تجمّع أحرار حوران، وهي وسيلة اعلامية محلية توثق العنف في هذه المنطقة.

أما منطقة شمال شرق سوريا تقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية وحلفائها من الأمريكان، وتعيش حالة حرب مع تركيا ووكلائها من المعارضة على الأرض السورية. قوات سوريا الديمقراطية هي تحالف متعدد الأعراق والأديان من الميليشيات ذات الغالبية الكردية، منتشرة في شرق البلاد وشمالها الشرقي، في مدن مثل دير الزور والحسكة والرقة وأجزاء من حلب. ومنذ التدخل العسكري التركي في شمال سوريا عام 2016، سعت تركيا لطرد الميليشيات الكردية لأنها تعتبرها تهديداً لأمنها القومي، وتصنّفها على أنها منظمات إرهابية. من جهتها، تسعى القوات الكردية إلى توسيع نفوذها في المثلث الحدودي بين سوريا وتركيا والعراق.

لاستكمال السيناريو، تشن إسرائيل هجمات متفرقة على مقرّات عسكرية لإيران وقوات حزب الله اللبناني المنتشرة في العاصمة دمشق والمدن الساحلية الخاضعة لسيطرة الأسد وإيران. كانت إيران (وحليفها حزب الله) حليفين للنظام السوري منذ عام 1979 عند إنشاء جمهورية إيران الإسلامية. مع بدء الحرب في سوريا، تدخلت إيران وحزب الله عسكرياً لدعم نظام الأسد.

منطقة شمال غرب سوريا الممزقة

يعيش في منطقة شمال غرب سوريا 4.6 مليون نسمة، كان قبل الزلزال 4.1 مليون منهم يحتاجون لمساعدات إنسانية. 90% من المحتاجين للمساعدات هم من النساء والأطفال وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة. وقرابة 3.3 مليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي. هناك 2.9 مليون من النازحين والمهجّرين قسرياً من مدنهم مثل الغوطة الشرقية بريف دمشق وحمص وحلب ودير الزور ودرعا. يعيش 1.8 مليون من هؤلاء النازحين في المخيمات البالغ عددها 1.633 بعضها عشوائية، وفقًا لـ (منسقو الاستجابة وهو فريق يعمل على تقديم إحصائيات حول الوضع الإنساني في المنطقة الشمالية الغربية من سوريا). تنتشر المخيمات على الحدود مع تركيا ويعتمد ساكنوها على المساعدات الأممية التي تدخل من الحدود التركية.

وفد من الأمم المتحدة يرافق الأهالي في مخيم جديد تم بناؤه بالقرب من مدينة جنديرس للمتضررين بسبب الزلزال. عماد البصيري

تخضع هذه المنطقة التي ضربها الزلزال، لاتفاق خفض التصعيد الذي أقرته روسيا وتركيا وإيران في أستانا عام 2017، حيث تم الإتفاق على وضع نقاط مراقبة عسكرية تركية في مناطق المعارضة ونقاط روسية في مناطق النظام، لضمان احترام النظام السوري للاتفاق وعدم هجومه مجدداً على هذه المناطق. لكن هذا لم يحدث، حيث استمر نظام الأسد والطيران الروسي بالتوغل والتصعيد في المنطقة واستهداف البنى التحتية فيها. بما في ذلك شهدت مدينة سراقب في إدلب هجوماً كيميائياً عام 2018.

في العام الماضي بلغت عدد الهجمات التي شنتها روسيا والنظام السوري على مناطق حيوية في مناطق شمال غرب سوريا 800 هجمة وفقًا لبيانات منظمة الخوذ البيضاء. تركزت الهجمات على المنازل والمنشآت الصناعية والأراضي الزراعية، ولم تستثنِ المدارس والمشافي. وأسفرت عن مقتل 165 شخص بينهم 55 طفلا و 14 سيدة، بالإضافة لـ 448 جريح.

دمّر الزلزال منطقة جريحة لم تكن مستعدة لإدارة كارثة طبيعية. بالإضافة إلى أن البنى التحتية التي كانت هشة أصلاً بسبب آثار القصف والتفجيرات، كان هناك ضعف في الإدارة المحلية ونقص في الموارد، وقلة الاهتمام على الصعيد الدولي.

احتواء الكارثة بأيدي محلية

عمّت مشاهد إنقاذ الأشخاص العالقين تحت أنقاض منازلهم العالم. كان أبطال معظم هذه المشاهد هم  متطوعون في الدفاع المدني والمعروفة باسم (الخوذ البيضاء). تتكون هذه المنظمة من ثلاثة آلاف من المتطوعين وعلى الرغم من عملهم بالأيدي لعدم وجود موارد ومعدات تمكنوا من إنقاذ حياة 2950 شخص من تحت الأنقاض.

تأسست هذه المنظمة  بعد اندلاع الحرب، ويركز عملها على إنقاذ المدنيين المتضررين من حملات القصف التي تنفذها روسيا ونظام الأسد في تلك المنطقة وفي مناطق أخرى خارجة عن سيطرة النظام، حيث أنقذوا ما يقرب من 125000 شخص.

تُعرّف الخوذ البيضاء عن نفسها، بأنها منظمة إنسانية تكرس عملها في مساعدة المجتمعات في سوريا، على الاستعداد للضربات والاستجابة لها وإعادة البناء بعدها. اتهم كل من نظام الأسد وروسيا، الخوذ البيضاء أنها على صلة بالمنظمات الإرهابية، بينما كان عملها يتركّز على إنقاذ المدنيين، حيث وثقت المنظمة هجمات النظام والقوات الجوية الروسية والدمار الذي تسببه. 

مع بدء الزلزال استجابت فرق الخوذ البيضاء للكارثة منذ الدقائق الأولى لوقوعها، لكن نقص مواد الإنقاذ أجبرت فرقها على الاعتماد على الجهد البشري. شوهد المتطوعون وهم يحفرون بأيديهم لاستخراج الأشخاص العالقين تحت الأنقاض، بينما كان التواصل معهم بالصوت والصراخ. لم تكن هناك أجهزة لاكتشاف الأصوات أو رادارات وكاميرات حرارية من شأنها أن تساعد وتسرّع في عمليات الإنقاذ.

يصف نائب مدير الخوذ البيضاء منير المصطفى في مكالمة هاتفية أن “الوضع كان كارثي منذ اللحظة الأولى للزلزال، وعدد الضحايا كان كبير جداً، طرقات قطعت بشكل كامل، وبلدات كاملة دمرت واختفت عن الوجود مثل جنديرس وسلقين والدانا”. فيما أكد أن عدد المباني المدمرة هائل: أكثر من 800 مبنى في 50 بلدة.

 “كان هناك الكثير من الصعوبات لأنه ليس لدينا معدات ثقيلة قادرة على التعامل مع كارثة مثل الزلازل، حيث لا نمتلك معدات بحث وإنقاذ متطورة، وليس لدينا كلاب بوليسية مدربة، وهي لها دور كبير في المساعدة بالبحث عن الضحايا. كذلك درجات الحرارة المتدنّية تحت الصفر والأمطار الغزيرة والثلوج أعاقت عملنا بشكل كبير. أما الهزات الارتدادية فكان لديها خطر كبير”.

فريق ملهم التطوعي، هو جهة أخرى تنشط في مجالات الإغاثة الإنسانية في مناطق المعارضة السورية وفي بعض المخيمات داخل وخارج سوريا. تأسس هذا الفريق في عام 2012 على يد عدد من الطلبة الجامعيين السوريين، وله مقر في تركيا وألمانيا، وفروع في الأردن والسويد وكندا. هذه المنظمة ممنوعة من العمل في الأراضي التي يسيطر عليها النظام السوري، فقد نشأت في مناطق المعارضة، ويعتبر عملها بالنسبة للنظام غير قانوني، شأنها في ذلك مثل أي منظمة تعمل في مناطق خارجة عن سيطرة النظام.

يقول عبدالله السويد مدير مكتب هذا الفريق في مدينة إدلب شمال غرب سوريا: “المباني هشّة ومتصدّعة جرّاء القصف المتكرر لعدة سنوات، كما تكتظ هذه المناطق بالمُهجّرين من مدن مختلفة، والمُحمّلين بذاكرة قاسية من الحصار والخوف. ومع هذه الظروف طوّر السوريون طريقتهم في النجاة، معتمدين على الموارد المتاحة، وعلى معدات منظمة الدفاع المدني السوري، والمساعدات الإنسانية من مختلف المنظمات”. 

يضيف: “بسبب عدم دخول المساعدات بعد الزلزال، اضطرينا للتصرف وفق المتاح وضمن الإمكانيات لإنقاذ ما نستطيعه من الأرواح. والمؤسف دائماً أن العالم ينسى الكوارث ببضع أيام، ولا يستطيع السوريون نسيان هذا الدمار الذي كان في السابق بيوته”.

صورة

مدنيون يبحثون عن ضحايا تحت الأنقاض في مدينة جنديرس بريف حلب. عماد البصيري

عدم وصول المعدات ضاعف الكارثة

بعد مناشدات واسعة من قِبل النشطاء والمنظمات ووسائل للأمم المتحدة للاستجابة السريعة بسبب الوضع الحرج التي تعيشه المنطقة عدد الضحايا الذي كان يرتفع كل ساعة، دخلت أولى قوافل المساعدات الإنسانية منطقة شمال غرب سوريا، لكن لم تكن المساعدات خاصة بالزلازل ووفقًا لمنظمة الخوذ البيضاء فإن هذه القوافل روتينية وكانت مجدولة للدخول قبل وقوع الزلزال.

في 11 فبراير، أي بعد خمسة أيام من الكارثة، أعلنت منظمة الخوذ البيضاء الانتهاء من عمليات البحث والإنقاذ والانتقال لمرحلة انتشال الجثث، أكد مدير المنظمة رائد الصالح من خلال حسابه على تويتر أن المنظمة الدولية المعنية بالزلازل لم تقدم لهم الدعم اللازم. 

كذلك انتقد الصالح في مؤتمر صحفي عقده بعد أربعة أيام من وقوع الزلزال استجابة الأمم المتحدة للكارثة، حيث حمّلها مسؤولية تأخر وصول المساعدات، وطالب المندوب الأمريكي في مجلس الأمن بفتح تحقيق للبحث في أسباب تقصير الأمم المتحدة بإيصال المساعدات إلى الشمال السوري. وقال الصالح إن فرق البحث والإنقاذ كانت تسابق الزمن لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض. مؤكدًا أن نقص المعدات الفعالة كان سبباً كبيراً في العجز عن إنقاذ الكثيرين. كذلك أشار نائبه أنه كان يمكن إنقاذ العديد من الأرواح لو أن المعدات دخلت في وقتها المناسب. 

يطرح النائب المصطفى مثالاً عن إحدى الحالات وهي طفلة بقرية الدرية بريف جسر الشغور في إدلب، يشرح : “عندما وصلنا إلى تلك الطفلة كانت على قيد الحياة، وعمل المتطوعون لمدة ثلاث ساعات لإنقاذها، وكانت تتحدث عندما وصلنا إليها، وتسأل عن جدها ويوجد فيديو يوثق هذه اللحظة، لكن الوقت كان طويل جداً، ولو كان هناك رافعة ثقيلة بإمكانها أن تزيل السقف، ما اضطر المتطوعون إلى الحفر بأيديهم للوصول إلى الطفلة، وعندما وصلوا إليها لم يتبقَ لديها نَفَس وتوفيت”.

في لقاء مع الصالح عند معبر باب الهوى الحدودي بين سوريا وتركيا، اعترف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، “مارتن غريفيتس”، بالخطأ واعتذر. كتب غريفيتس على حسابه على تويتر: “لقد خذلنا حتى الآن شعب شمال غرب سوريا وهم محقون في الشعور بالتخلي عنهم”. بينما يعلّق النائب المصطفى: نحن لا نريد أن يعتذر منا بل عليه أن يعتذر من الضحايا والناس التي لم يتم إنقاذ حياتهم بسبب عدم دخول معدات وفرق إنقاذ”. 

في هذه الأثناء تحاول الخوذ البيضاء إزالة الأنقاض من الطرقات في المناطق المُدمّرة مع استمرار عمليات البحث، وتنتظر أي بلاغ من المدنيين، وفي حال وجود أي جثة لانتشالها. وكما تقوم أيضاً بتقييم للأبنية إذا كانت صالحة أو غير صالحة للسكن، حسب نائب مدير المنظمة سوف يتم هذا العمل وفقًا لآلية معقدة جدًا مع مهندسين، وأن هذا يحتاج لكثير من الوقت لإنهاء هذه المرحلة. 

ينتقل المصطفى للحديث حول التعافي وأن يمكن تقديره في حال وجود دولة تمتلك ميزانية، لأنه يكون هناك خطة من قبل الحكومة لتحقيق التعافي، معتمدة على موارد الدولة وخزينتها، بينما في منطقة شمال غرب سوريا، مسألة التعافي سوف تبدأ قريباً لكنها ستسير ببطء، وسوف تعتمد على إزالة الأنقاض وتأهيل البنية التحتية. ويختم حديثه : “أظن أن التعافي الحقيقي من آثار الزلزال سوف يحتاج لسنوات”. 

الليلة الأشد رعباً 

في حوالي الساعة الرابعة وعشر دقائق من فجر السادس من شباط، هرع خالد الرعدون مرتعباً إلى الشارع مع زوجته وأطفاله الأربعة، فور شعورهم بوقوع الزلزال في مدينة جنديرس بريف حلب في منطقة شمال غرب سوريا. تصدّرت هذه المدينة قائمة المناطق الأكثر تضرراً بفعل الزلزال في سوريا، حيث لقي 1012 شخص مصرعهم فقط في هذه المدينة. “كانت كارثة، فالدنيا تهتز والأبنية تتساقط والأمطار غزيرة” يقول الرعدون البالغ من العمر 41 عام من مكان إقامته الجديد، وهو خيمة في المدينة ذاتها. 

الرعدون نازح من مدينته في قلعة المضيق بريف حماة ويعيش في جنديرس منذ أربعة سنوات، والآن ينزح من جديد. فقد الرجل الكثير من اقاربه واصدقائه المهجرين معه من نفس المنطقة وكانوا يعيشون كجيران. يصف الرجل لحظات الرعب التي عاشها مع عائلته تلك الليلة حيث يقول أن الكهرباء انقطعت فجأة والناس تحت الأبنية، بعضهم من الأطفال الذين كانوا يصرخون، “يا عمي طالعني”.

لا يجرؤ الرعدون مع عائلته على العودة إلى المنزل ليلاً بسبب خوفهم من حدوث شيء مشابه، وخصوصاً الهزات الارتدادية التي توالت تباعاً بعد وقوع الزلزال. حيث تقضي هذه العائلة لياليها في تلك الأيام، في خيمة قامت بتسليمهم إياها إحدى المنظمات، إذ يشتكي الرجل: “استلمنا خيمة 3 أمتار طول بثلاثة أمتار عرض ويبلغ عدد أفراد عائلتي ستة، فكيف لها أن تسعنا خيمة واحدة؟”، مشيراً إلى أنه ينقصهم الكثير من الأشياء ولم يقدمها لهم أحد. يختم حديثه متسائلاً : “الذي فقد منزله أو أحد أفراد عائلته، هل الخيمة ستعوّضه؟ لن تعوّضه”. 

كاتب

  • baynana

    Baynana es un medio online bilingüe -en árabe y español- que apuesta por el periodismo social y de servicio público. Nuestra revista aspira a ofrecer información de utilidad a la comunidad arabófona en España y, al mismo tiempo, tender puentes entre las personas migrantes, refugiadas y españolas de origen extranjero, y el resto de la población.

    View all posts
Apóyanos
Con tu aportación haces posible que sigamos informando

Nos gustaría pedirte una cosa… personas como tú hacen que Baynana, que forma parte de la Fundación porCausa, se acerque cada día a su objetivo de convertirse en el medio referencia sobre migración en España. Creemos en el periodismo hecho por migrantes para migrantes y de servicio público, por eso ofrecemos nuestro contenido siempre en abierto, sin importar donde vivan nuestros lectores o cuánto dinero tengan. Baynana se compromete a dar voz a los que son silenciados y llenar vacíos de información que las instituciones y las ONG no cubren. En un mundo donde la migración se utiliza como un arma arrojadiza para ganar votos, creemos que son los propios migrantes los que tienen que contar su historia, sin paternalismos ni xenofobia.

Tu contribución garantiza nuestra independencia editorial libre de la influencia de empresas y bandos políticos. En definitiva, periodismo de calidad capaz de dar la cara frente a los poderosos y tender puentes entre refugiados, migrantes y el resto de la población. Todo aporte, por pequeño que sea, marca la diferencia. Apoya a Baynana desde tan solo 1 euro, sólo te llevará un minuto. Muchas gracias.

Apóyanos
ادعمنا
بمساهمتك الصغيرة تجعل من الممكن لوسائل الإعلام لدينا أن تستمر في إعداد التقارير

نود أن نسألك شيئًا واحدًا ... أشخاص مثلك يجعلون Baynana ، التي هي جزء من Fundación porCausa ، تقترب كل يوم من هدفها المتمثل في أن تصبح وسيلة الإعلام الرائدة في مجال الهجرة في إسبانيا. نحن نؤمن بالصحافة التي يصنعها المهاجرون من أجل المهاجرين والخدمة العامة ، ولهذا السبب نقدم دائمًا المحتوى الخاص بنا بشكل علني ، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه القراء أو مقدار الأموال التي لديهم. تلتزم Baynana بإعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم وسد فجوات المعلومات التي لا تغطيها المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. في عالم تُستخدم فيه الهجرة كسلاح رمي لكسب الأصوات ، نعتقد أن المهاجرين أنفسهم هم من يتعين عليهم سرد قصتهم ، دون الأبوة أو كراهية الأجانب.

تضمن مساهمتك استقلالنا التحريري الخالي من تأثير الشركات والفصائل السياسية. باختصار ، الصحافة الجيدة قادرة على مواجهة الأقوياء وبناء الجسور بين اللاجئين والمهاجرين وبقية السكان. كل مساهمة ، مهما كانت صغيرة ، تحدث فرقًا. ادعم Baynana من 1 يورو فقط ، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة. شكرا جزيلا

ادعمنا

baynana

Baynana es un medio online bilingüe -en árabe y español- que apuesta por el periodismo social y de servicio público. Nuestra revista aspira a ofrecer información de utilidad a la comunidad arabófona en España y, al mismo tiempo, tender puentes entre las personas migrantes, refugiadas y españolas de origen extranjero, y el resto de la población.
زر الذهاب إلى الأعلى