fbpx
أخبارحقوق

“الدنمارك أعادتنا إلى نقطة الصفر عندما وضعتنا في كامب الترحيل”

نقلت السلطات الدنماركية اللاجئة السورية أسماء الناطور وزوجها إلى معسكرات الترحيل، بعد أن أقاما في الدنمارك لمدة سبع سنوات

تكمل أسماء وزوجها يومهما العاشر على التوالي في كامب الترحيل “sjælsmark”، الذي يبعد 28 كم عن العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، بعد أن تم ترحيلهم إلى هذا الكامب من قبل السلطات الدنماركية في 26 أكتوبر 2021، بعد قرار من المحكمة. الكامب الذي تصفه المرأة بأنّه “قديم جدّاً وهو أشبه بمعسكرات الجيش”. 

أسماء الناطور سيّدة سوريّة ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي بصورتها وهي تودع جارتها الدنماركية وسط دموع، قبل رحيلها إلى الكامب، هي من محافظة درعا جنوب سوريا، كانت تسكن في مخيم اليرموك في دمشق، وبعد أن استهدفت الطائرات الحربية التابعة للنظام السوري منزلها هناك عام 2012، انتقلت للعيش عند أقاربها في درعا جنوباً، لكن هذا لم يستمر كثيراً، حيث استهدفت الطائرات المكان الذي تقطنه في درعا أيضاً. عندها قررت أسماء وزوجها وطفلها الهجرة إلى أوروبا، ووصلوا للدنمارك بعد رحلة عذاب استمرت قرابة شهرين، وبعد دفع مبالغ طائلة ومواجهة العديد من المصاعب.

خرجنا بسبب نظام بشار الأسد المجرم والحرب التي اندلعت بسببه وبسبب الخوف من القتل والاعتقالات، حيث تم اعتقال زوجي سابقاً في سوريا وتهديده، كما تم اعتقال ابني الأكبر بسبب مشاركته في المظاهرات، فخرجنا لأننا كنّا مهددين، دفعنا الكثير من المال للحواجز العسكرية للنظام السوري أثناء ذهابنا” تشرح أسماء لمجلة بيننا أثناء مكالمة صوتية معها.

في أكتوبر- تشرين الأول من العام 2015 منحت الدنمارك بطاقات الحماية الإنسانية التي تحمل رقم 7/3، حيث تقول أسماء أن نوع هذه الإقامة غير ملائم لحالتهم، لكن في ذلك الوقت لم يكونوا يميّزوا بين أنواع الإقامات بسبب صعوبة اللغة وعدم معرفتهم بذلك، حيث تقول “لو كنت أعرف ميّزات هذه الإقامة لما كنت قبلت بها ولغادرت الدنمارك”.

إبلاغ الترحيل وعواقبه

بعد أن أقامت العائلة في مدينة “Rinsted” في الدنمارك لمدة سبع سنوات وبعد أن شعروا بشيءٍ من الاستقرار، حيث عملت أسماء مع زوجها في متجر لبيع المنتجات العربية، وعادت للدراسة من جديد على الرغم من عملها كمدرّسة لغة عربية في سوريا، قررت الدنمارك سحب تصريح الإقامة منهم وإرسالهم إلى ما يسمى كامب الترحيل Sjælsmark، الذي ينتظر فيه اللاجئون الذين تم إلغاء تصاريح إقامتهم إلى أن يتم البت بقضاياهم.

في أبريل من العام 2021 أُبلغوا بأن تصاريح إقامتهم لن تُجدد وأن أوراقهم قد نُقلت إلى محكمة الاستئناف في كوبنهاغن. “لقد حوكمنا في كوبنهاغن، في محاكمة استمرت لساعات. “شعرت أن شيئًا مريبًا كان يحدث. وصدر قرار رفض تجديد أوراقنا بعد 18 يومًا، لكن المحامي أخبرنا أن هذا غير عادل وأنّه سوف يُطعن بالقرار” تقول أسماء.

بعد ذلك تلقّت العائلة بريداً إلكترونياً من السلطات يخبرهم بأنّ لديهم موعداً في مكتب العودة إلى الوطن، وعندما ذهبوا حاولوا إقناعهم في هذا المكتب بالعودة إلى سوريا، وعرضوا عليهم مبلغ 144 ألف كرون للشخص الواحد أي ما يقارب 23 ألف دولار، في حال قبلوا بالتوقيع على قرار العودة، لكن أسماء تقول أنهم رفضوا التوقيع لأن توقيعهم على هذا القرار هو بمثابة توقيعهم على قرار إعدامهم، على حد وصف أسماء، فيما اعتبر المكتب رفض التوقيع هو خروج عن القانون. 

بعد أيام من إبلاغ الأسرة بالقرار، أصيب زوج أسماء الناطور بجلطة دماغية بسبب الخوف والضغط النفسي الناجم عن قرار الترحيل. ولم ما حدث  مع زوج أسماء من الناحية الصحية جديداً، حيث تُوفي اللاجئ السوري أكرم بطحيش في شهر نيسان من العام الحالي، نتيجة سكتة قلبية أصابته نتيجة الضغوط النفسية التي تعرض لها على أثر إبلاغه من قبل السلطات الدنماركية بسحب تصريح الإقامة الخاص به، وخشيته من اقتحام منزله من قبل الشرطة كما صرّح ابنه للعديد من الوسائل الإعلامية. 

نقلت السلطات العائلة إلى الكامب في 26 أكتوبر وتركوا ابنيهما 25 و 21 عام، يكملان حياتهما هناك لأنهما يحملان إقامة اللجوء السياسي. تصف أسماء المكان الذي انتهت إليه وزوجها بأنّه أشبه بمعسكر الجيش، وأنّه مُتسخ ومعدوم النظافة، وقالت أنّها تعتقد أنّ المنتفعات فيه تعود إلى العصر الروماني، “تصوّر أنا في دولة اسكندنافية و يضعوننا في مكان لا يصلح أن تعيش فيه الحيوانات”، وأضافت: “الدنماركيون أنفسهم عندما شاهدوا الصور اندهشوا وشعروا بالعار”. 

أعلنت حكومة الدنمارك الديمقراطية برئاسة ميت فريدرسكن في آذار- مارس 2021، أنّه سوف يتم سحب تصاريح الإقامات من اللاجئين السوريين، معتبرةً أنّ دمشق آمنة اعتماداً على التقرير الذي أصدرته وزارة الهجرة الدنماركية في أكتوبر – تشرين الأول 2020 والذي قيّم الأوضاع في دمشق حينها. في حين نشرتْ مجلة بيننا في ذلك الوقت تقريراً أوضّح تلاعب الدنمارك بسياق شهادات صحفيين سوريين وتطويعها بما يتناسب مع أهدافها الرامية إلى ترحيل اللاجئين السوريين. الأمر الذي جعل المفوضية السامية تصدر بيان تعرب فيه عن قلقها حيال ذلك، كذلك أصدرتْ العديد من المنظمات الأخرى بيانات مشابهة. 

في السياق، نشرت هيومن رايتس ووتش تقرير بعنوان “حياة أشبه بالموت” يوضح من خلال 65 مقابلة أجرتها المنظمة مع لاجئين سوريين عادوا بشكل طوعي من الأردن ولبنان بين عامي 2017 و2021، الانتهاكات الحقوقية الجسيمة التي تعرّضوا لها من قبل الحكومة السورية والميليشيات التابعة لها، مثل القتل خارج نطاق القانون والاختفاء القسري والتعذيب.

وقالت صحيفة الشرق الأوسط أن هناك 900 لاجئ سوري في الدنمارك مهددين بالترحيل إلى بلادهم، في حين ينتظر العشرات من اللاجئين السوريين في الدنمارك بترقّب وخوف نتائج البت بملفاتهم. 

الجارة والمحادثة الأخيرة 

قبل مغادرة أسماء إلى الكامب كانت في مقابلات مع صحيفة دنماركية ومع قناة الجزيرة، وفي اللحظة الأخيرة وهي تضع أمتعتها في السيارة خرجت جارتها المُسنّة من شرفة المنزل وقالت “إلى أين تذهبين يا أسماء؟ هل أنت مسافرة؟”، “فأجبتها لا لست مسافرة لكنني سوف أذهب إلى كامب الترحيل، فغضبت وبدأت بالصراخ عليهم، إلى أين سوف تأخذونها فهي ليست مجرمة ولم تفعل شيئاً، هل تريدون إرسالها إلى القتل والحرب وإلى بشار الأسد المجرم؟ كيف ذلك فسوريا ليست آمنة”، تقول أسماء. 

وتختم أسماءمدت يدها إلي من النافذة وهي ترتجف، وجعلتني أبكي في هذه اللحظات، كانت جارتي منذ 6 سنوات، كنا نزور بعضنا البعض، وكنت أرسل لها الطعام وأهتم بها. وأنا أعيش هنا منذ سبع سنوات، فهل تريد الدنمارك أن تقضي على هذه السنوات بلمح البصر؟ الأسد قصف منازلنا في سوريا والدنمارك قصفت حياتنا وأعادتنا إلى نقطة الصفر عندما وضعتنا في هذا الكامب“.

ينتهي هذا المقال ويبقى ملف أسماء وزوجها قيد الدراسة لدى السلطات الدنماركية، بالإضافة إلى 200 لاجئاً آخرين من دمشق يتم إعادة تقييم ملفاتهم في الدنمارك بعد سحب تصاريح إقامتهم، فهل سوف يتم السماح لهم بالعيش في الدنمارك؟ أم أنّ قرار الترحيل إلى سوريا هو الأرجح؟ 

كاتب

  • Okba Mohammad

    Cubrió la guerra en el sur de Siria de 2015 a 2018 con medios locales. También se ha dedicado a documentar violaciones de derechos humanos de detenidos durante el conflicto. En 2019 trabajó como corresponsal independiente en Turquía y posteriormente viajó a España, donde ha colaborado con medios como Global Voices y el diario Público. Actualmente trabaja como reportero en Baynana

    View all posts

En español

Apóyanos
Con tu aportación haces posible que sigamos informando

Nos gustaría pedirte una cosa… personas como tú hacen que Baynana, que forma parte de la Fundación porCausa, se acerque cada día a su objetivo de convertirse en el medio referencia sobre migración en España. Creemos en el periodismo hecho por migrantes para migrantes y de servicio público, por eso ofrecemos nuestro contenido siempre en abierto, sin importar donde vivan nuestros lectores o cuánto dinero tengan. Baynana se compromete a dar voz a los que son silenciados y llenar vacíos de información que las instituciones y las ONG no cubren. En un mundo donde la migración se utiliza como un arma arrojadiza para ganar votos, creemos que son los propios migrantes los que tienen que contar su historia, sin paternalismos ni xenofobia.

Tu contribución garantiza nuestra independencia editorial libre de la influencia de empresas y bandos políticos. En definitiva, periodismo de calidad capaz de dar la cara frente a los poderosos y tender puentes entre refugiados, migrantes y el resto de la población. Todo aporte, por pequeño que sea, marca la diferencia. Apoya a Baynana desde tan solo 1 euro, sólo te llevará un minuto. Muchas gracias.

Apóyanos
ادعمنا
بمساهمتك الصغيرة تجعل من الممكن لوسائل الإعلام لدينا أن تستمر في إعداد التقارير

نود أن نسألك شيئًا واحدًا ... أشخاص مثلك يجعلون Baynana ، التي هي جزء من Fundación porCausa ، تقترب كل يوم من هدفها المتمثل في أن تصبح وسيلة الإعلام الرائدة في مجال الهجرة في إسبانيا. نحن نؤمن بالصحافة التي يصنعها المهاجرون من أجل المهاجرين والخدمة العامة ، ولهذا السبب نقدم دائمًا المحتوى الخاص بنا بشكل علني ، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه القراء أو مقدار الأموال التي لديهم. تلتزم Baynana بإعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم وسد فجوات المعلومات التي لا تغطيها المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. في عالم تُستخدم فيه الهجرة كسلاح رمي لكسب الأصوات ، نعتقد أن المهاجرين أنفسهم هم من يتعين عليهم سرد قصتهم ، دون الأبوة أو كراهية الأجانب.

تضمن مساهمتك استقلالنا التحريري الخالي من تأثير الشركات والفصائل السياسية. باختصار ، الصحافة الجيدة قادرة على مواجهة الأقوياء وبناء الجسور بين اللاجئين والمهاجرين وبقية السكان. كل مساهمة ، مهما كانت صغيرة ، تحدث فرقًا. ادعم Baynana من 1 يورو فقط ، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة. شكرا جزيلا

ادعمنا

Okba Mohammad

Cubrió la guerra en el sur de Siria de 2015 a 2018 con medios locales. También se ha dedicado a documentar violaciones de derechos humanos de detenidos durante el conflicto. En 2019 trabajó como corresponsal independiente en Turquía y posteriormente viajó a España, donde ha colaborado con medios como Global Voices y el diario Público. Actualmente trabaja como reportero en Baynana
زر الذهاب إلى الأعلى