![](https://baynana.es/wp-content/uploads/2025/02/قيصر.jpeg)
بكلماتٍ متأنية، تصل إلى القلب مباشرةً، وبتواضعٍ شديد، كشف قيصر سوريا عن هويته ووجهه لأول مرّة، وسرد بعض التفاصيل عن كيفية تهريبه 50 ألف صورة لجثث شوّهها التعذيب في مراكز اعتقال النظام السابق في سوريا. وصلت بعدها إلى الكونغرس الأمريكي وفضحت نظام الأسد على الملأ في العام 2019.
وصف مشاهد مرعبة، لم يعايشها بنفسه فقط، بل التقط لها صوراً بكاميرته، حيث كانت تلك وظيفته على مدار ثلاث سنوات تقريباً. أجساد مزقها التعذيب والجوع، حتى غابت ملامح كثيرة منها. يقول في مقابلته الأولى عبر قناة الجزيرة القطرية بينما ترتفع الكاميرا ليرى السوريون لأول مرّة هذه الشخصية التي تعتبر بطلاً بالنسبة لهم:
“أنا المساعد أول فريد المذهان، رئيس قسم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في دمشق، المعروف بقيصر، ابن سوريا الحرة، أنا من مدينة درعا مهد الثورة السورية”. ينحدر من مدينة الشيخ مسكين وسط درعا.
يبدو في الأربعينيات من العمر، يرتدي بدلةً رسميةً وقد غزا الشيب لحيته. يؤكد أنه لا يحب الحديث أمام الكاميرا ولا رؤيتها لأن كل ذكرياته عنها مرتبطة بتصوير الجثث. يقول أنّه التقط صوراً لـ “جثث ضحايا الاعتقال، لشيوخ ونساء وأطفال، تمّ اعتقالهم على الحواجز العسكرية والأمنية في مدينة دمشق، ومن ساحات التظاهر التي كانت تنادي بالحرية والكرامة”.
لماذا كان النظام يطلب تصوير جثث المعتقلين؟
يرد على استفسارات الصحفية حول سبب طلب النظام السوري المخلوع توثيق هذه الجثث، بأن أوامر التصوير وتوثيق الجرائم كانا يصدران من أعلى هرم السلطة للتأكد من أن القتل ينفذ فعلياً. وأن أول تصوير لجثث معتقلين كان بمشرحة مستشفى تشرين العسكري لمتظاهرين من المحافظة التي ينحدر منها، درعا، وذلك في مارس 2011.
لافتاً إلى أن قادة الأجهزة الأمنية كانوا يعبرون عن ولائهم المطلق لنظام الأسد عبر صور جثث ضحايا الاعتقال.
كان الموقوف بمجرد دخوله المعتقل يوضع رقم على جثته بعد قتله، وكان النظام يكتب أن سبب وفيات من قتلهم هو توقف القلب والتنفس، وفقاً له. ومن المشاهد المروعة التي ما زال يختزنها في رأسه هي تحويل مرآب السيارات في مستشفى المزة العسكري في العاصمة السورية دمشق لساحة تجميع الجثث لتصويرها.
يؤكد أن ذلك جاء بعد ازدياد عدد القتلى بشكل يومي. يوضح: “في بداية الثورة السورية كانت عدد الجثث من ١٠ إلى ١٥ يوميا لتصل إلى ٥٠ في اليوم”.
كشفت مئات التقارير سابقاً عن عمليات ابتزاز ممنهجة مورست ضد الآلاف من أهالي المعتقلين دون الحصول على أي معلومات حول أقاربهم. حيث أُجبروا على دفع مبالغ طائلة مقابل وعود كاذبة بالحصول على معلومات عن ذويهم، دون أن يتلقوا أي تأكيدات حول مصيرهم. شرح قيصر عن قصص مشابهة لكل هذا، وعن تأكيد ضباط لأهالي معتقلين أن أبنائهم أحياء بينما تكون صور جثثهم لديه.
تهريب الأدلة والانشقاق
كان قيصر يقوم بعملية تهريب الصور بشكل شبه يومي من مقر عمله في دمشق إلى مقر سكني بمدينة التل بريف دمشق، يشرح: “كنت أخبئ وسائط نقل الصور في جواربي وفي ربطة الخبز وجسدي خوفاً من التفتيش على الحواجز الأمنية”. يمتلك هوية رسمية عسكرية وهوية مدنية مزورة، للتنقل بين مقر عمله بدمشق وإقامته في ريفها،
وكان يتعرض للتفتيش في مناطق سيطرة النظام، وفي المنطقة التي يسكن فيها والتي كانت تحت سيطرة المعارضة، حيث لو كشف هويته حينها بأنه عسكري لكان خائناً. استمرت عملية تهريب الصور بهذا الشكل المخيف يومياً على مدار قرابة ثلاث سنوات. كان من الممكن لو كُشف أمره أن يكون مكان الجثث التي يلتقط صوراً لها.
![](https://baynana.es/wp-content/uploads/2025/02/هوية-قيصر-العسكرية.jpeg)
في نهاية هذه الرحلة، قرر أخيراً الانشقاق عن النظام، ويؤكد أن هذا القرار كان لديه منذ بداية الثورة لكن كان يؤجل كي يتمكن من جمع أكبر عدد من الصور والأدلة.
غادر في 2013 عبر الأردن إلى دولة قطر، وهناك قام مكتب محاماة بتجهيز ملف من أجل محاسبة النظام السوري. في عام 2014، قدّم قيصر شهادته أمام الكونغرس الأمريكي، حيث عرض جانباً من الأدلة التي بحوزته، مما أدى إلى إقرار “قانون قيصر” في الولايات المتحدة عام 2019، وهو قانون يفرض عقوبات اقتصادية على النظام السوري، بهدف الضغط عليه لوقف انتهاكاته ضد المدنيين.
صور قيصر وعقوبات قيصر
يرى قيصر أن القانون شيء والعقوبات على سوريا شيءٌ آخر. هو لا يريد أن يعاقب الشعب السوري اقتصادياً أبداً. بل ويطالب اليوم الحكومة الأمريكية بإلغاء قانون قيصر ورفع العقوبات عن الشعب السوري.
يعلق على هذا الصحفي السوري المقيم في فرنسا محمد السلوم: “يلي تسبّب في قانون قيصر على سوريا اسمه بشار الأسد، ويلي عمل الأشياء يلي صورها قيصر كمان اسمه بشار الأسد”. فالمشكلة في الانتهاك نفسه لا في تصويره.
اليوم، يعيش قيصر في فرنسا دون تحديد موقعه بدقة لدواعٍ أمنية، لم يتمكن من تعلّم اللغة ولا الاندماج في المجتمع بسبب الخوف من أن تُكشف هويته. ورغم التحديات التي يواجهها اليوم، يظل قيصر رمزاً تاريخاً بالنسبة للسوريين، وشهادته أرقتْ نظام الأسد وما تزال تُسلّط الضوء على فظائع ذلك النظام، الذي انهار في الثامن من ديسمبر 2024.
En español
Nos gustaría pedirte una cosa… personas como tú hacen que Baynana, que forma parte de la Fundación porCausa, se acerque cada día a su objetivo de convertirse en el medio referencia sobre migración en España. Creemos en el periodismo hecho por migrantes para migrantes y de servicio público, por eso ofrecemos nuestro contenido siempre en abierto, sin importar donde vivan nuestros lectores o cuánto dinero tengan. Baynana se compromete a dar voz a los que son silenciados y llenar vacíos de información que las instituciones y las ONG no cubren. En un mundo donde la migración se utiliza como un arma arrojadiza para ganar votos, creemos que son los propios migrantes los que tienen que contar su historia, sin paternalismos ni xenofobia.
Tu contribución garantiza nuestra independencia editorial libre de la influencia de empresas y bandos políticos. En definitiva, periodismo de calidad capaz de dar la cara frente a los poderosos y tender puentes entre refugiados, migrantes y el resto de la población. Todo aporte, por pequeño que sea, marca la diferencia. Apoya a Baynana desde tan solo 1 euro, sólo te llevará un minuto. Muchas gracias.
Apóyanosنود أن نسألك شيئًا واحدًا ... أشخاص مثلك يجعلون Baynana ، التي هي جزء من Fundación porCausa ، تقترب كل يوم من هدفها المتمثل في أن تصبح وسيلة الإعلام الرائدة في مجال الهجرة في إسبانيا. نحن نؤمن بالصحافة التي يصنعها المهاجرون من أجل المهاجرين والخدمة العامة ، ولهذا السبب نقدم دائمًا المحتوى الخاص بنا بشكل علني ، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه القراء أو مقدار الأموال التي لديهم. تلتزم Baynana بإعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم وسد فجوات المعلومات التي لا تغطيها المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. في عالم تُستخدم فيه الهجرة كسلاح رمي لكسب الأصوات ، نعتقد أن المهاجرين أنفسهم هم من يتعين عليهم سرد قصتهم ، دون الأبوة أو كراهية الأجانب.
تضمن مساهمتك استقلالنا التحريري الخالي من تأثير الشركات والفصائل السياسية. باختصار ، الصحافة الجيدة قادرة على مواجهة الأقوياء وبناء الجسور بين اللاجئين والمهاجرين وبقية السكان. كل مساهمة ، مهما كانت صغيرة ، تحدث فرقًا. ادعم Baynana من 1 يورو فقط ، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة. شكرا جزيلا
ادعمنا