اُرتكبت العديد من المجازر الفظيعة وقُتل مئات الآلاف خلال إحدى عشر عامًا من الحرب في سوريا. كما عاشت البلاد أحداث كثيرة ومهمة، ما بين مظاهرات ومعارك وقصف وغير ذلك. فلا بد أن توثيق كل ما جرى في سوريا خلال هذه السنوات هو عمل معقد ومهم في الوقت ذاته، بالرغم من ذلك، لم يتوانَ الناشط السوري تامر التركماني عن العمل على ذلك وتوثيق أحداث الثورة السورية بكاميرته في البداية وإلكترونيًا فيما بعد.
وثق التركماني قرابة 3 مليون ملف خلال عامي 2014-2022 مابين فيديو وصور فوتوغرافية وأفلام وثائقية وتقارير صحفية وأعداد مجلات وكتب وأبحاث ودراسات. ونشط الشاب السوري في العمل الإعلامي منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 بعد انشقاقه عن الجيش السوري – قيادة الفيلق الخامس، الذي كان يؤدي فيه الخدمة الإلزامية. و بعد أن أصبح مطلوبًا للنظام السوري بسبب انشقاقه، ترك الشاب مدينته حمص وذهب إلى درعا جنوبًا، وهي المدينة التي تعّد معقل الثورة. رافق الثوار هناك وكان يتنقل معهم بين أحياء المدينة ليوثق قصف النظام السوري على المناطق السكنية والعمليات العسكرية، والاحتجاجات الشعبية، إلى أن أُصيب برصاصة مرتدة في رأسه. “كان من الصعب اسعافي داخل مدينة درعا بسبب الحصار الذي كان مفروضاً على المنطقة في ذلك الوقت، إذ اضطروا إلى إسعافي إلى الأردن الحدودية مع مدينة درعا” يوضح الشاب لمجلة بيننا عبر مكالمة هاتفية.
لوحة بطول 170 متر للضحايا السوريين
بعد أن أنهى التركماني علاجه في الأردن، عمل الشاب كمتطوع مع المنظمات الإغاثية التي كانت تساعد اللاجئين. في تلك الأثناء كان النظام السوري قد بدأ باستهداف أحياء المدن الخارجة عن سيطرته بالبراميل المتفجرة (محلية الصنع) التي يتم إلقاؤها من المروحيات، حيث كان هذا النوع من القصف يخلّف العديد من الضحايا، مما دفع التركماني للتفكير بتكريم الضحايا عن طريق جمع صورهم ووضعها في ملصق واحد وتصميمها كغلاف لصفحته الشخصية في فيس بوك. “كانت الخطوة الأولى هو نشر منشور على فيس بوك الخاص بي بمثابة إعلان، أنني احتاج لصور ضحايا القصف، وتفاجئت أنه خلال 24 ساعة، وصلني أكثر من 2000 صورة”.
عندها فكر الشاب بتوسيع الفكرة وجمع عدد أكبر من صور الضحايا لوضعها في ملصق كبير، وخلال 40 يوم وصله قرابة 35 ألف صورة، وبعد أن تواصل معه أصدقاؤه في الولايات المتحدة، طرحوا عليه فكرة عرض الملصق في الولايات المتحدة، بالفعل في 15 أذار 2015 عرض الملصق في واشنطن بالقرب من البيت الأبيض، حيث بلغ طوله 170 متر بارتفاع متر ونصف حيث ضمّت صور لـخمسين ألف ضحية وسمّيت بلوحة الشهداء في واشنطن.
وبالإضافة إلى العمل الإلكتروني، قام التركماني بطباعة ملصق يحتوي على 4500 ضحيّة من الأطفال فقط، وعرضه في تركيا وكندا وعدة دول أوروبية منها جنيف أمام مقر الأمم المتحدة ورومانيا والنمسا وفرنسا.
3 مليون ملف
بعد أن استطاع التركماني أن ينقل معاناة شعبه للعالم من خلال هذا العمل، راودته فكرة أخرى وهي البحث عن فيديوهات لهؤلاء الضحايا أثناء تشييعهم أو تلك التي تظهر لحظة قتلهم على سبيل المثال، وحفظها في ملف اكسل، بالإضافة لإرفاق بياناتهم و معلومات حولهم وتصنيفهم إذا كانوا مدنيين أو يعملون مع جهات عسكرية. بعد الاستمرار لمدة عام بهذا العمل لاحظ الناشط التركماني أن سياسة اليوتيوب بدأت تتغير، حيث تغيّرت سياسة اليوتيوب ثلاث مرات بين عامي 2015 و 2017، يوضح: “وبدأنا نفقد مقاطع المظاهرات وأيضًا القنوات التي تعد مراجع هامة، التي قتل أصحابها أو فقدت هذه القنوات منهم. فكان الهدف من توثيق هذه الفيديوهات هو الحفظ من الضياع”.
بما أن بعض عمليات القتل أو سقوط الضحايا كانت تتم بشكل جماعي، قرر الناشط انشاء قسم جديد للمجازر. يقول: “قمت بشراء هارد 10 تيرا بايت وبدأت التوثيق وفقًا للقانون الدولي”. ثم بدء الشاب بحفظ وتنزيل قنوات اليوتيوب، حيث تمكن من توثيق مليونين و 400 ألف مقطع فيديو، تتضمن اعتقالات وتعذيب وآثار تعذيب ومقابلات وخطابات بشار الأسد، وجوانب من الحصار والتهجير، ونتائج القصف وآثار الدمار، ومعارك وتفجيرات وعمليات عسكرية، ولحظات قصف الطائرات وإسعاف الجرحى.
لم يقتصر عمل التركماني على توثيق الفيديوهات فحسب، بل شرع في الآونة الأخيرة يوثق الصور الفوتوغرافية والتقارير الصحفية وأعداد المجلات والكتب والأبحاث والدراسات والأفلام الوثائقية وعدد المجازر والانتهاكات بحق المراكز الحيوية، وتمكن من جمع 600 ألف ملف حول ذلك، من بينها 2378 مجزرة نتج عنها مقتل 33,941 شخص، بينهم 7023 طفل و 4645 إمرأة، قتلوا على يد النظام السوري وقوات التحالف الدولي وتنظيم داعش والقوات الروسية والإيرانية وقوات الإدارة الذاتية.
كان التركماني يخاف في بداية عمله من النظام في سوريا، يقول: “نظام ديكتاتوري قتل مئات الآلاف”، ويوضح بعد كل هذه السنوات أنه تجاوز مرحلة الخوف، “تعرّضت لعدة تهديدات في مراحل مختلفة من عملي، عندما سلكت هذا الطريق كنت أعرف عواقبه لذا أنا مدرك المخاطر المحتملة التي قد أتعرّض لها”، يقول مؤكدًا أنه يتوخى الحذر ويتواجد في أماكن بحيث يصعب عليهم إيجاده.
En español
Nos gustaría pedirte una cosa… personas como tú hacen que Baynana, que forma parte de la Fundación porCausa, se acerque cada día a su objetivo de convertirse en el medio referencia sobre migración en España. Creemos en el periodismo hecho por migrantes para migrantes y de servicio público, por eso ofrecemos nuestro contenido siempre en abierto, sin importar donde vivan nuestros lectores o cuánto dinero tengan. Baynana se compromete a dar voz a los que son silenciados y llenar vacíos de información que las instituciones y las ONG no cubren. En un mundo donde la migración se utiliza como un arma arrojadiza para ganar votos, creemos que son los propios migrantes los que tienen que contar su historia, sin paternalismos ni xenofobia.
Tu contribución garantiza nuestra independencia editorial libre de la influencia de empresas y bandos políticos. En definitiva, periodismo de calidad capaz de dar la cara frente a los poderosos y tender puentes entre refugiados, migrantes y el resto de la población. Todo aporte, por pequeño que sea, marca la diferencia. Apoya a Baynana desde tan solo 1 euro, sólo te llevará un minuto. Muchas gracias.
Apóyanosنود أن نسألك شيئًا واحدًا ... أشخاص مثلك يجعلون Baynana ، التي هي جزء من Fundación porCausa ، تقترب كل يوم من هدفها المتمثل في أن تصبح وسيلة الإعلام الرائدة في مجال الهجرة في إسبانيا. نحن نؤمن بالصحافة التي يصنعها المهاجرون من أجل المهاجرين والخدمة العامة ، ولهذا السبب نقدم دائمًا المحتوى الخاص بنا بشكل علني ، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه القراء أو مقدار الأموال التي لديهم. تلتزم Baynana بإعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم وسد فجوات المعلومات التي لا تغطيها المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. في عالم تُستخدم فيه الهجرة كسلاح رمي لكسب الأصوات ، نعتقد أن المهاجرين أنفسهم هم من يتعين عليهم سرد قصتهم ، دون الأبوة أو كراهية الأجانب.
تضمن مساهمتك استقلالنا التحريري الخالي من تأثير الشركات والفصائل السياسية. باختصار ، الصحافة الجيدة قادرة على مواجهة الأقوياء وبناء الجسور بين اللاجئين والمهاجرين وبقية السكان. كل مساهمة ، مهما كانت صغيرة ، تحدث فرقًا. ادعم Baynana من 1 يورو فقط ، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة. شكرا جزيلا
ادعمنا