fbpx
الرئيسيةحقوق

الولادات المبكرة والإجهاض من بين الأنقاض

نحو 133 ألف امرأة حامل تضررت جراء الزلزال الذي ضرب سوريا، في ظل واقع صحي غاية في السوء، ونقص في الحواضن والأدوية والعاملين الطبيين في الأساس بسبب الحرب

Ayhama Al Sati – Mohammad Al Ahmad

كان للزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وسوريا في السادس من شهر شباط – فبراير العديد من العواقب على حياة الناس، وذلك إضافةً إلى مقتل ما يزيد على 50 ألف إنساناً، وإلى الدمار الواسع في البنى التحتية في البلدين. ظهرت تلك العواقب جليةً على النساء الحوامل، حيث تضررت حوالي 133 ألف امرأة حامل من الزلزال في سوريا ، وستعاني حوالي 6600 امرأة من مضاعفات الحمل والولادة، وفقاً لصندوق الأمم المتحدة للسكان.

كذلك أكد الصندوق بأن هناك توقعات بأن تلد نحو 44 ألف امرأة في الأشهر الثلاثة المقبلة، وأشار إلى أنه يكثف جهوده لضمان استمرار توفير خدمات الصحة الجنسية والإنجابية المنقذة للحياة بالتعاون مع شركائه في محافظتي حلب إدلب في منطقة شمال غرب سوريا. كما أشارت الأمم المتحدة إلى أن من بين الناجين من الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا حوالي 356 ألف امرأة حامل بحاجة ماسة إلى الحصول على خدمات صحة الإنجاب.

جهينة القاسم، نازحة من ريف سراقب، وأم لأربعة أولاد، حامل في الشهر السادس، وتعيش في مدينة إدلب في منطقة شمال غرب سوريا، تلك المنطقة المحررة من سيطرة ديكتاتورية نظام الأسد الحاكم في سوريا، والمتضرّرة لسنوات بسبب قصف روسيا والنظام السوري، والتي تعاني من هشاشة كبيرة أساساً في جميع مناحي الحياة بما في ذلك قطاع الصحة. تقول القاسم في حديث مع مجلة بيننا: “عند وقوع الزلزال أصابنا الرعب بشكل كبير، ونزلت برفقة أطفالي إلى الشارع، في حالة توتر كبير. لم يكن لدينا مكان نذهب إليه، فعدنا إلى البيت الذي لم يكن متضرراً بشكل كبير، وأصابني ألم ظهر ومغص شديدين، وعند التوجه للمشفى، أخبروني الأطباء أنه يجب أن تتم الولادة على الرغم أنه بقي ثلاثة أشهر لموعدها”.

تتابع القاسم أنها بعد أن تمت الولادة تم نقل الطفل إلى الحضّانة، حيث كان يعاني من نقص أوكسجين، وبقي فيها عشرة أيام، وكان يتم إجراء تحاليل بشكل يومي للطفل، وكان الأطباء أحياناً يخبرونهم بأن وضعه حرج وأحياناً يتحسّن، إلى أن تُوفي في اليوم الحادي عشر: “كانت الصدمة كبيرة جداً، لأنني توقفت عن الحمل لمدة ست سنوات، وكانت فرحتي كبيرة عندما ظهرت نتيجة حملي إيجابية ولكن سرعان ما تبدلت الاحوال وصار فرحي حزناً شديداً”.

مخاطر على الأم والجنين

بلغ عدد حالات الإجهاض التي راجعت مشفى الأمومة في مدينة إدلب أكثر من 122 حالة إجهاض وتهديد بالإسقاط، وأما حالات الولادة المبكّرة فكان عددها 56 حالة. والإمكانيات هناك ضعيفة جداً بسبب نقص عدد الحواضن وأجهزة المنافس في منطقة شمال غربي سوريا، قسم كبير من الولادات لا تستطيع الوصول للحواضن والمنافس، وهناك قسم من الأطفال يموت بسبب هذا النقص، يموت ما نسبته 5 – 10 % لعدم وجود حواضن، وفق ما أفادت به لمجلة بيننا الطبيبة النسائية إكرام هبوش، اخصائية نسائية وتوليد ومديرة مشفى الأمومة المدعومة من منظمة السامز في مدينة إدلب. 

لافتةً إلى أن مخاطر الولادة المبكرة تنعكس على حياة الأم والجنين ويمكن أن تصاب الأم بأمراض نتيجة ذلك، كسوء التغذية، ويمكن أن يصاب الطفل بنقص الوزن والاختلاطات العصبية والهضمية. وأوضحت الطبيبة أن النقص بأدوية سورفاكتان  (Surfactante) التي يحتاجها الأطفال في هذه المرحلة والتي تزيد من نسبة الحياة لديهم كان سبب من عدة أسباب ساهمت في تفاقم المشكلة.

إحدى العاملات الطبيات في مشفى الأمومة في إدلب. محمد الأحمد

فيما أكدت الطبيبة الهبوش أن منطقة شمال غربي سوريا تعاني من ظاهرة الولادة المبكرة وأنها حاضرة في المنطقة بين النساء، حتى ما قبل الزلزال، وبأن نسبتها بلغت قرابة 20 – 30% من الولادات في المشفى الذي تعمل فيه، وأرجعتْ السبب في ذلك إلى أن الحياة في الخيام ضمن ظروف صحية سيئة وعدم وجود نظام صرف صحي جيد يزيد من نسبة الانتانات النسائية التي تزيد نسبة الولادة المبكرة. أما ما بعد الزلزال فقالت: “حالة الرعب والخوف والحالة النفسية لها تأثير هرموني يحرض على الولادة، وإن كان ذلك غير مثبت علمياً إلا أنه بسبب حالة الخوف يمكن أن يكون هناك تأثيرات هرمونية تحرض على الولادة”..

وتوقعت أن يكون هناك المزيد من حالات الإجهاض والولادة المبكرة في حال وجود المزيد من الهزات الزلزالية.

قطاع صحي متهالك

يعتبر القطاع الصحي في منطقة شمال غربي سوريا منهك جداً منذ فترة ما قبل الزلزال، وأكّدت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان وقوع 601 هجوم على 400 منشأة صحية، ووثّقت مقتل 942 عاملًا طبياً في سوريا، في الفترة ما بين آذار / مارس 2011 إلى شباط / فبراير 2022، وكان بينها 142 منشأة صحية في منطقة شمال غربي سوريا، تعرضت للقصف من قِبل النظام السوري وحليفه الروسي. 

وفقاً لمديرية الصحة في محافظة إدلب (وهي جهة حكومية معارضة تعمل في إدلب، المحافظة المُحرّرة من سيطرة النظام السوري)، فإنّ هناك ما يقارب 42 منشأة صحية تضررت في منطقة شمال غربي سوريا، منها مشفى الرفاه للنساء والأطفال في مدينة جنديرس ومشفى الأمومة في مدينة الدانا، حيث توقفتا عن العمل بشكل تام بسبب حجم الضرر الكبير، أما ما تبقى من مشافي التوليد النسائية فلم تتوقف عن العمل، بالرغم من ازدياد الضغط عليها، كون بعض المشافي الأخرى خرجت عن الخدمة.

يقول الدكتور زهير قراط مدير الصحة في محافظة إدلب في تصريح لمجلة بيننا: “كان الزلزال كارثة فظيعة لم تكن بالحسبان، وحجم الضرر الذي خلّفه، كان أكبر بكثير من الطاقة الاستيعابية للقطاع الصحي في منطقة شمال غربي سوريا. خصوصاً أن القطاع والمنطقة تعاني منذ 12 عام من الحروب المستمرة، التي دمرت الكثير من المنشآت الصحية، وأدت لفقدان عدد كبير من الكوادر الطبية من أطباء وممرضين وفنيين، فيما زاد الزلزال من حجم المعاناة والعجز في القطاع الصحي، حيث دُمرتْ العديد من المستودعات الطبية، ما أدى لفقدان الكثير من الأدوية”.

وأكدّ الدكتور القراط أن الزلزال وما يرافقه من حالات هلع وخوف تزيد من حالات الإجهاض لدى بعض النساء، وربما يؤدي ذلك عند بعض الحوامل لولادة مبكرة، وهذا يشكل خطراً على حياة الجنين، حيث أنه يعتبر غير كامل النمو، ويحتاج لحضانة ولربما يُسبّب ذلك بمشاكل تنفسية لديه ونزيف بالرحم لدى الأم.

وأضاف: “على الرغم من تضرر الكوادر الطبية بشكل مباشر وخسارة البعض منهم لعائلته أو منزله،  إلا أن الجميع كان على أهبة الاستعداد ولبى القطاعات الطبية فور إطلاقها لنداء استغاثة عاجل في اليوم الأول من الزلزال، حيث أن الكثير من الأطباء والممرضين والفنيين ممن يعملون في المشافي الخاصة، توجهوا إلى المشافي العامة للمساعدة في معالجة المتضررين، وهناك الكثير من الأطباء الذين آثروا العمل وإنقاذ الأرواح على العائلة ومسؤولياتهم تجاه عوائلهم في ذلك اليوم، حيث أن العديد منهم استمر بالعمل لمدة ستة أيام متواصلة على مدار الساعة”.

وختم مدير الصحة حديثه بالدعوة لزيادة الدعم المحلي والدولي للقطاع الصحي، حتى يكون قادراً على استيعاب الكوارث التي لربما قد تحدث في أي لحظة.

لم توفر أضرار الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وشمال سوريا، أي فئة أو نوع اجتماعي من بين سكان المناطق المتضررة، لكن وعلى الرغم من ذلك، تكشف الكارثة مرةً أخرى عن تفرد النساء بمعاناة خاصة عن غيرهنَ، لتؤكد مجدداً على أنهنَ الأكثر تأثراً وتضرراً عند وقوع الكوارث الطبيعية والبشرية، ولا سيما في منطقة مثل سوريا، مرّ على الحرب المنسية فيها أكثر من 12 عاماً.

كاتب

  • baynana

    Baynana es un medio online bilingüe -en árabe y español- que apuesta por el periodismo social y de servicio público. Nuestra revista aspira a ofrecer información de utilidad a la comunidad arabófona en España y, al mismo tiempo, tender puentes entre las personas migrantes, refugiadas y españolas de origen extranjero, y el resto de la población.

En español

Apóyanos
Con tu aportación haces posible que sigamos informando

Nos gustaría pedirte una cosa… personas como tú hacen que Baynana, que forma parte de la Fundación porCausa, se acerque cada día a su objetivo de convertirse en el medio referencia sobre migración en España. Creemos en el periodismo hecho por migrantes para migrantes y de servicio público, por eso ofrecemos nuestro contenido siempre en abierto, sin importar donde vivan nuestros lectores o cuánto dinero tengan. Baynana se compromete a dar voz a los que son silenciados y llenar vacíos de información que las instituciones y las ONG no cubren. En un mundo donde la migración se utiliza como un arma arrojadiza para ganar votos, creemos que son los propios migrantes los que tienen que contar su historia, sin paternalismos ni xenofobia.

Tu contribución garantiza nuestra independencia editorial libre de la influencia de empresas y bandos políticos. En definitiva, periodismo de calidad capaz de dar la cara frente a los poderosos y tender puentes entre refugiados, migrantes y el resto de la población. Todo aporte, por pequeño que sea, marca la diferencia. Apoya a Baynana desde tan solo 1 euro, sólo te llevará un minuto. Muchas gracias.

Apóyanos
ادعمنا
بمساهمتك الصغيرة تجعل من الممكن لوسائل الإعلام لدينا أن تستمر في إعداد التقارير

نود أن نسألك شيئًا واحدًا ... أشخاص مثلك يجعلون Baynana ، التي هي جزء من Fundación porCausa ، تقترب كل يوم من هدفها المتمثل في أن تصبح وسيلة الإعلام الرائدة في مجال الهجرة في إسبانيا. نحن نؤمن بالصحافة التي يصنعها المهاجرون من أجل المهاجرين والخدمة العامة ، ولهذا السبب نقدم دائمًا المحتوى الخاص بنا بشكل علني ، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه القراء أو مقدار الأموال التي لديهم. تلتزم Baynana بإعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم وسد فجوات المعلومات التي لا تغطيها المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. في عالم تُستخدم فيه الهجرة كسلاح رمي لكسب الأصوات ، نعتقد أن المهاجرين أنفسهم هم من يتعين عليهم سرد قصتهم ، دون الأبوة أو كراهية الأجانب.

تضمن مساهمتك استقلالنا التحريري الخالي من تأثير الشركات والفصائل السياسية. باختصار ، الصحافة الجيدة قادرة على مواجهة الأقوياء وبناء الجسور بين اللاجئين والمهاجرين وبقية السكان. كل مساهمة ، مهما كانت صغيرة ، تحدث فرقًا. ادعم Baynana من 1 يورو فقط ، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة. شكرا جزيلا

ادعمنا

baynana

Baynana es un medio online bilingüe -en árabe y español- que apuesta por el periodismo social y de servicio público. Nuestra revista aspira a ofrecer información de utilidad a la comunidad arabófona en España y, al mismo tiempo, tender puentes entre las personas migrantes, refugiadas y españolas de origen extranjero, y el resto de la población.
زر الذهاب إلى الأعلى