كيف أفلتت رواية فلسطينية من القيود الإسرائيلية وحصلت على أفضل جائزة عربية؟
حصلت رواية قناع بلون السماء على جائزة أفضل رواية عربية، لكاتبها الأسير الفلسطيني باسم خندقجي الذي لا يكتب عن السجن.
“اعتدنا أن ندعو الفائز إلى المنصّة ليحكي لنا، كيف تلّقى خبر التتويج، لكن سامحونا الفائز اليوم هو أسير ولا سبيل لفك أسره إلا الدعوات. هي فرصتنا لنؤمن بقدرة الأدب على تحدي القيود”، بهذه الكلمات تم الإعلان عن الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية في دورتها 17 في دولة الإمارات العربية المتحدة.
حصل على الجائزة لهذا العام الروائي الفلسطيني باسم خندقجي” – القابع في السجون الإسرائيلية منذ العام 2004 – عن روايته التي حملتْ عنوان “قناع بلون السماء”، والصادرة في 2022 عن دار الآداب اللبنانية.
اختارت لجنة التحكيم الرواية الفائزة من بين 133 رواية عربية أخرى ترشحت للجائزة لدورة عام 2024، باعتبارها أفضل رواية نُشرت بين يوليو/ تموز 2022 ويونيو/ حزيران 2023، وتسلم الجائزة شقيق الكاتب يوسف وناشرة الرواية رنا إدريس، صاحبة دار الآداب.
وقال يوسف خندقجي شقيق الكاتب سابقاً – في تصريحات لقناة الجزيرة القطرية – بإن هذه الرواية واجهت صعوبات جمَّة، أهمها إدخال الكتب المطلوبة لشقيقه، وخاصّة أنه تم كتابتها في ظل ظروف السجن القاهرة، وحاجة الكاتب لترتيبات خاصّة تمكنه من التدوين، وإعادة نسخها ثانية وتهريبها لسجن آخر خشية مصادرتها.
وعلَقتْ هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني: “إن فوز رواية قناع بلون السماء بجائزة البوكر للرواية العربية، هو انتصار لصوت الأحرار وللرواية الفلسطينية التي تحارب اليوم أكثر من أي وقت مضى، في زمن الإبادة الجماعية التي تنفذ على مرأى من العالم”.
أحداث الرواية
لم يكتب باسم خندقجي في روايته عن السجن الذي يمكث فيه منذ أكثر من 20 عاماً، بل كتب عن عالم أكثر رحابة، حيث تدور أحداث الرواية حول شخصية نور، الفتى الفلسطينيّ الذي يعيش في مخيم قرب مدينة رام الله، العاشق للتاريخ والآثار، وهو من عائلة لاجئةٍ من اللد، وابن لفدائيّ سابق وبائع قهوة وشاي في المخيم في زمن السلام. سعى الشاب لتقصي السيرة التاريخية لمريم المجدليّة ولم يتمكن من ذلك بسبب شحّ المعلومات عنها في كتب التاريخ، فلجأ إلى كتابة رواية عنها.
عمل نور كدليل سياحي في القدس وشاهد بأم عينه كيف يتم التلاعب بتاريخ المنطقة عندما يتم تسويقه للسياح الأجانب، ثم عثر على فرصة الالتحاق بمعهد أولبرايت للأبحاث الأثريّة بالتعاون مع سلطة الآثار الإسرائيلية للتنقيب عن آثار الفيلق الروماني السادس. بعد أن انتحل اسم شخص إسرائيلي عثر على بطاقة هويته في جيب معطف اشتراه من سوق الملابس المستعملة اسمه أور، وتمكن بذلك من الذهاب في رحلة التنقيب على أمل تبّع آثار مريم المجدليّة.
أما عنوان الرواية، فالقناع هو إشارة إلى تلك البطاقة البطاقة الشخصية التي وجدها بطل الرواية في جيب معطف الشخص الإسرائيلي، والتي كان لونها أزرق، والتي استخدمها نور وكأنها قناع.
من هو كاتب الرواية؟
وُلد باسم الخندقجي، 22 كانون الأول 1983 في مدينة نابلس، بدأ دراسته في مدرسة المعري الابتدائية، ثم حصل على الثانوية العامة من مدرسة الملك طلال، والتحق بجامعة النجاح الوطنية ودرس قسم الصحافة والإعلام. وقد تم اعتقاله من قبل الجيش الإسرائيلي في تشرين الثاني 2004 وهو في الجامعة، على إثر عملية عسكرية ضد جنود الاحتلال، وبعد تحقيقات طويلة معه تم الحكم عليها بالسجن المؤبد عدة مرات.
عُرف خندقجي قبل اعتقاله بكتاباته، وخاصة ضمن فن القصة القصيرة. لم يتوقف إبداعه في سجنه فأنتج أكثر من 250 مقالاً صحفياً، والعديد من المجموعات الشعرية منها “طقوس المرة الأولى” (2010) و”أنفاس قصيدة ليلية” (2013). ثم بدأ بإنتاج أعمال روائية منها “نرجس العزلة” (2017)، و”خسوف بدر الدين” (2019)، و”أنفاس امرأة مخذولة” (2020). إضافة إلى روايته الأخيرة “قناع بلون السماء” التي ذاع صيتها بعد أن شاركت في العديد من المعارض العربية والدولية للكتاب، وطُبع منها حتى الآن حوالي 6 آلاف نسخة.
صدى كبير
لاقى تلقى الرواية الفلسطينية قناع بلون السماء لهذه الجائزة صدىً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وعلق على ذلك العديد من الكُتّاب العرب، من بينهم الروائي العراقي – الإسباني المُقيم في مدريد محسن الرملي الذي وصلت إحدى روايته للقائمة الطويلة في البوكر أيضاً، قال: “نُصرة الأديب، انتصار للأدب أيضاً. ألف مبروك للكاتب الأسير باسم خندقجي فوزه بجائزة البوكر للرواية العربية… لقد دق باسم جدران الخزان وسمعه العالم، فلا عذر للتخلي عنه وعن رفاقه في سجون الاحتلال”.
أمّا الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي فقد كتبت عبر صفحتها على تويتر: رواية قناع بلون السماء تستحق الإحتفاء لا لإبداعها ودقة موضوعها القائم على المراجع والبحث التاريخي فحسب، بل أيضاً لكونها رواية مهرّبة ورقة ورقة، فإبداعات المعتقلين مُعتقلة أيضاً، وأقلامهم تقيم تحت الأسر، لمزيد من القهر والتنكيل بهم”.
وقالت المدونة السعودية زوينة سالم: “الحرية التي لا يملك الاحتلال أن يفعل بشأنها شيء ، حرية الخيال”. وقال الكاتب والشاعر الفلسطيني سامر هواش حول الرواية: “الكلمات لها أجنحة”.
أما الصحفية اللبنانية جودي الأسمر فقد هنأت الكاتب ثم قالت: “لا حواجز للكلمات في فضاء الحرية، وستمضي غزة بإسقاط أقنعة العالم بالحبر والدم. وأوّل فعل تضامن وشكر للكاتب نفعله هو أن نقرأ الرواية”.
En español
Nos gustaría pedirte una cosa… personas como tú hacen que Baynana, que forma parte de la Fundación porCausa, se acerque cada día a su objetivo de convertirse en el medio referencia sobre migración en España. Creemos en el periodismo hecho por migrantes para migrantes y de servicio público, por eso ofrecemos nuestro contenido siempre en abierto, sin importar donde vivan nuestros lectores o cuánto dinero tengan. Baynana se compromete a dar voz a los que son silenciados y llenar vacíos de información que las instituciones y las ONG no cubren. En un mundo donde la migración se utiliza como un arma arrojadiza para ganar votos, creemos que son los propios migrantes los que tienen que contar su historia, sin paternalismos ni xenofobia.
Tu contribución garantiza nuestra independencia editorial libre de la influencia de empresas y bandos políticos. En definitiva, periodismo de calidad capaz de dar la cara frente a los poderosos y tender puentes entre refugiados, migrantes y el resto de la población. Todo aporte, por pequeño que sea, marca la diferencia. Apoya a Baynana desde tan solo 1 euro, sólo te llevará un minuto. Muchas gracias.
Apóyanosنود أن نسألك شيئًا واحدًا ... أشخاص مثلك يجعلون Baynana ، التي هي جزء من Fundación porCausa ، تقترب كل يوم من هدفها المتمثل في أن تصبح وسيلة الإعلام الرائدة في مجال الهجرة في إسبانيا. نحن نؤمن بالصحافة التي يصنعها المهاجرون من أجل المهاجرين والخدمة العامة ، ولهذا السبب نقدم دائمًا المحتوى الخاص بنا بشكل علني ، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه القراء أو مقدار الأموال التي لديهم. تلتزم Baynana بإعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم وسد فجوات المعلومات التي لا تغطيها المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. في عالم تُستخدم فيه الهجرة كسلاح رمي لكسب الأصوات ، نعتقد أن المهاجرين أنفسهم هم من يتعين عليهم سرد قصتهم ، دون الأبوة أو كراهية الأجانب.
تضمن مساهمتك استقلالنا التحريري الخالي من تأثير الشركات والفصائل السياسية. باختصار ، الصحافة الجيدة قادرة على مواجهة الأقوياء وبناء الجسور بين اللاجئين والمهاجرين وبقية السكان. كل مساهمة ، مهما كانت صغيرة ، تحدث فرقًا. ادعم Baynana من 1 يورو فقط ، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة. شكرا جزيلا
ادعمنا