“من لجوء إلى نزوح”، هكذا يصف اللاجئ السوري في لبنان ’محمد المصري، 36 سنة‘ واقعه اليوم. وصل الشاب من أرياف درعا السورية إلى النبطية في جنوب لبنان في العام 2013 بعد ارتفاع وتيرة قصف النظام السوري على منطقته في ذلك الحين، واستقر هناك ويعمل حتى اليوم في البناء. بالطبع قبل أن يتغير كلّ شيء منذ أيام ويضطر لسلوك خيارات أخرى يصفها بـ “الاضطرارية”.
بدأ التصعيد في جنوب لبنان مع انطلاق الحرب على قطاع غزة في أكتوبر 2023 ولكن منذ 23 سبتمبر ازداد الوضع سوءاً، حيث كثّفتْ إسرائيل غاراتها على الجنوب وبعدها على الضاحية الجنوبية في بيروت. هنا قرّر الأب المصري أن يأخذ زوجته وأطفاله الثلاثة إلى منزل أحد أقاربهم وهو لاجئ سوريّ آخر في بيروت ثمّ اضطر للحاق بهم بعد أن سقط أحد الصواريخ في المنزل المجاور، وكاد الغبار يخنقه في منزله. يقول: “تذكرت أيام القصف في بلدي، سوريا، وخفتُ كثيراً، فسارعتُ إلى المغادرة والذهاب إلى عائلتي، رغم كل الظروف”.
الخيارات أمام المصري وأكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان محدودة اليوم: كثيرٌ منهم لا يجدون أماكن للنزوح إليها ويبقون في منازلهم في خطرٍ كبيرٍ، والآلاف منهم يعودون إلى سوريا مضطرين تحت وطأة الظروف الملّحة أو بعضهم يبقى في العراء في الحدائق أو يتخذ من رمال البحر فراشاً. ترفض بعض مراكز الإيواء والمدارس المؤهلة للنازحين استقبالهم.
تقول قالت الناطقة باسم مفوضية اللاجئين في لبنان، ليزا أبو خالد في تصريح لقناة الحرة، إن المفوضية “تشعر بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بحرمان أسر اللاجئين من الوصول إلى الملاجئ الجماعية”. وتشرح أن اللاجئين الذين فروا من وطنهم بحثاً عن الأمن والأمان حالياً، يواجهون واقعاً صعباً مع اضطرارهم إلى النزوح مرة أخرى في لبنان جرّاء الأعمال العدائية المستمرة.
يعتبر المصري نفسه محظوظاً لأنّه وجد منزل أقاربه لينزح إليه: “رأيت السوريين ينامون في الشوارع والحدائق وعلى شواطئ بيروت”. لا يخفي حزنه وتخوفه في حديثه عبر مكالمة هاتفية مع هذه المجلة من تأخر سفره باتجاه إيرلندا بعد أن درست مفوضية اللاجئين ملف أسرته ونفذت كل الإجراءات اللازمة، حتى الفحوصات الطبية أجرتها منذ شهرين إلا أن السفر ما زال معلقاً.
يُعقّب: “مطار بيروت الآن مُغلق، لا شك أن السفر سيتأخر”. بالنسبة له خيار العودة إلى سوريا غير مطروحٍ على الطاولة لما يحتويه من المجازفة والمخاطرة بحياته وحياة أسرته، من جهة. ولما له من عواقب القضاء على حلمه وحلم عائلته ومستقبل أطفاله بالبدء من جديد في بلد أوروبي، من جهةٍ أخرى.
لاجئون قلتى
أسفر القصف الإسرائيلي على لبنان عن مقتل أكثر من 1030 شخص في الفترة ما بين 16 و 27 أيلول، وفق ما أعلنه وزير الصحة اللبناني في مؤتمر صحفي. إضافةً إلى مقتل الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله. أما اللاجئون السوريون القتلى فقد بلغ عددهم 151 شخصاً بينهم 29 سيدة و43 طفلاً، وفق ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يُعني بإحصاء الانتهاكات في سوريا.
من بين الضحايا اللاجئين عائلة سوريّة تنحدر من نفس المنطقة التي ينحدر منها الشاب محمد المصري، وعدد أفراد هذه العائلة كعائلته، خمسة: الأب شادي التوبة والأم تسنيم الكومي، وأطفالهما الثلاثة محمد، ونور الهدى، ولين التوبة، والذين لا يصل عمر أكبرهم إلى 10 سنوات. وفق ما يؤكده أحد أقارب العائلة عبر تطبيق واتساب فقد انقطع الاتصال بهم منذ اليوم الأول للتصعيد في 23 سبتمبر، ثم عُثر على أجزاء من أجسادهم بعد ثلاثة أيام. تعرّفوا عليهم أخيراً من خلال بقايا الألبسة، لأنهم تحوّلوا إلى أشلاء.
أكثر من 100 ألف عبروا إلى سوريا
وصل عدد الذين عبروا إلى سوريا من لبنان هرباً من الغارات الجوية الإسرائيلية – مواطنون لبنانيون وسوريون – إلى 100 ألف شخص، وما زال تدفق اللاجئين مستمراً، وفقاً لما قاله فيليبو غراندي المفوض السامي لشؤون اللاجئين في منشور عبر منصة X.
ونشرت المفوضية أيضاً ذات الرقم، وقالت أن التقديرات تُشير إلى أن حوالي 60 في المائة منهم سوريون و40 في المائة مواطنون لبنانيون.
وأكدت المفوضية أنها تواصل وشركاؤها زيادة المساعدات للوافدين الجدد، وتوزيع مواد الإغاثة والغذاء والمياه، من بين أمور أخرى، على أولئك الذين يصلون إلى المعابر الحدودية. علاوة على ذلك، ترتب المفوضية النقل للعائلات الضعيفة للغاية (السوريين واللبنانيين) من الحدود إلى وجهاتهم في سوريا.
من داخل سوريا، يتم الحديث عن أرقام تتجاوز ذلك، تقول عضو المكتب التنفيذي في محافظة ريف دمشق آلاء الشيخ أن عدد الوافدين من معبر جديدة يابوس الحدودي مع لبنان، وصل إلى 123718 شخصاً، منهم 95516 سورياً، و 28202 لبناني، وذلك منذ تاريخ 23 أيلول ولغاية ظهر 30\9.
يجد اللاجئون السوريون اليوم أنفسهم محاصرين بين حربين: الأولى في وطنهم، مضى عليها 14 عاماً، ذاقوا مرارتها وهربوا من نيرانها، والثانية طاردتهم إلى بلد اللجوء، لبنان، حيث يواجهون القصف والنزوح من جديد أو العودة غير الاختيارية إلى البلد الأصلي. قصصٌ مثل قصّة محمد المصري تُجسد معاناةً لا تنتهي وانتظاراً مؤلماً لفرصة الخلاص التي ربّما لا تأتي كما هو الحال مع جيرانه، أو فرصةٍ كفرصته تبقى مؤجلة.
En español
Nos gustaría pedirte una cosa… personas como tú hacen que Baynana, que forma parte de la Fundación porCausa, se acerque cada día a su objetivo de convertirse en el medio referencia sobre migración en España. Creemos en el periodismo hecho por migrantes para migrantes y de servicio público, por eso ofrecemos nuestro contenido siempre en abierto, sin importar donde vivan nuestros lectores o cuánto dinero tengan. Baynana se compromete a dar voz a los que son silenciados y llenar vacíos de información que las instituciones y las ONG no cubren. En un mundo donde la migración se utiliza como un arma arrojadiza para ganar votos, creemos que son los propios migrantes los que tienen que contar su historia, sin paternalismos ni xenofobia.
Tu contribución garantiza nuestra independencia editorial libre de la influencia de empresas y bandos políticos. En definitiva, periodismo de calidad capaz de dar la cara frente a los poderosos y tender puentes entre refugiados, migrantes y el resto de la población. Todo aporte, por pequeño que sea, marca la diferencia. Apoya a Baynana desde tan solo 1 euro, sólo te llevará un minuto. Muchas gracias.
Apóyanosنود أن نسألك شيئًا واحدًا ... أشخاص مثلك يجعلون Baynana ، التي هي جزء من Fundación porCausa ، تقترب كل يوم من هدفها المتمثل في أن تصبح وسيلة الإعلام الرائدة في مجال الهجرة في إسبانيا. نحن نؤمن بالصحافة التي يصنعها المهاجرون من أجل المهاجرين والخدمة العامة ، ولهذا السبب نقدم دائمًا المحتوى الخاص بنا بشكل علني ، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه القراء أو مقدار الأموال التي لديهم. تلتزم Baynana بإعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم وسد فجوات المعلومات التي لا تغطيها المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. في عالم تُستخدم فيه الهجرة كسلاح رمي لكسب الأصوات ، نعتقد أن المهاجرين أنفسهم هم من يتعين عليهم سرد قصتهم ، دون الأبوة أو كراهية الأجانب.
تضمن مساهمتك استقلالنا التحريري الخالي من تأثير الشركات والفصائل السياسية. باختصار ، الصحافة الجيدة قادرة على مواجهة الأقوياء وبناء الجسور بين اللاجئين والمهاجرين وبقية السكان. كل مساهمة ، مهما كانت صغيرة ، تحدث فرقًا. ادعم Baynana من 1 يورو فقط ، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة. شكرا جزيلا
ادعمنا