ساني لادان: (1995، كاميرون)، يعيش في إسبانيا منذ العام 2012. معلم اجتماعي، ومدرب متعدد الثقافات، وخريج العلاقات الدولية، متخصص في السياسة الخارجية وخبير في الهجرة، وباحث دولي يُركّز على القضايا المتعلّقة بالشرق الأوسط ووسط وغرب إفريقيا، وصدر له مؤخراً كتاب ’القمر في دوالا، وقدري في المعرفة‘. هو ناشط مناهض للعنصرية وفي الدفاع عن حقوق الإنسان، وأيضاً عضو في جمعية إلين (سبتة) وصانع بودكاست بعنوان “أفريقيا بنقرة واحدة”.
“أنا أفريقي” بهذه الكلمات بدأت المقابلة مع الكاتب الكاميروني ساني لادان، صاحب كتاب ’القمر في دوالا‘ الشاب الناشط المناهض للعنصرية شديد التعلّق بأفريقيته بل هي مصدر فخر له، أفريقيا تعني له الكثير، لذلك يُفرّغ لها جّل أبحاثه ونشاطه. يقول: “هناك الكثير من الجهل بأفريقيا، وكل شيء يأتي من إفريقيا يُنظر إليه على أنه شيء سلبي، ويُنظر إليه على أنه لا شيء، أحد نضالاتي وعملي كباحث أن أذهب إلى الإبعاد أو الذهاب للشرب من مصادر الأشخاص الآخرين الذين عملوا على هذه القضايا، والذين كان لديهم اهتمام بالقدرة على وضع أفريقيا وإعادة وضعها في المكان الذي تستحقه”.
رحب الشاب بنا ترحيباً كبيراً في مكان اللقاء في مقرّ جمعية [الفضاء الإفريقي، Espacio Afro] في مدريد، وهو جمعية شبابية ثقافية فنية للجالية الإفريقية. يتحدث بكلّ ثقة وأريحية، كمحلل سياسي في برنامج تلفزيوني، بل هو كذلك فهو يظهر على العديد من الشاشات يتحدث بأمور سياسية دقيقة حول إسبانيا وحول حقوق المهاجرين وبالطبع حول إفريقيا. كان طموحه وهو صغير أن يصبح صحفياً، ليس أي صحفي فهو أراد أن يكون مراسلاً في مناطق صراع، لكن الحلم تغير في المستقبل، وتحوّل باتجاه آخر.
ــ لم أختر مكان ولادتي، ولكني فخور بأنني ولدت هناك.
ــ لقد جئت من حيث تنتقل القيم من جيلٍ إلى جيل.
ــ لقد جئت من حيث الأجداد هم مكتبات الحكمة
هذا مطلع قصيدة له بعنوان “لقد جئت من إفريقيا” المُدرجة في كتابه ’القمر في دوالا‘. دوالا هي مدينته التي ولد فيها، يجسد بهذه الكلمات، وهو يتحدث عن مرجعه الأول والده، الذي كان بمثابة وسيط اجتماعي يحلّ المشاكل بين الناس، ويتحدث فيهم ويوضح لهم ويشرح كيف تُحلّ وكيف الطريق للوصول إلى مجتمع متضامن متعاضد، إضافةً إلى عمله كإمام المسجد في مدينتهم. لم يكن هذا الإمام المسلم منغلقاً بل كان شديد الانفتاح على تعليم ابنه ثقافاتٍ أخرى، لهذا السبب دفع بابنه ساني للدراسة في مدرسة كاثوليكية، يقول: “أنا مسلم، لكني ذهبت إلى مدرسة كاثوليكية، وكان معظم سكّان الحي من المسيحيين، كان هذا الأمر مثيراً للفضول. أقولها عدّة مرات حتى يفهم الناس قليلاً طريقة رؤيتي وطريقة تفكيري”. إلى جانب ذلك درس فيما يُسمّى في منطقته ‘مدرسة’ وهي كلمة من أصل عربي، يتعلم فيها الطلاب أصول الدين الإسلامي وقيمه واللغة العربية. وفي مرحلة متقدّمة درس في المعهد الفرنسي المتعدد اللغات، العربية والفرنسية والإنكليزية.
وصل لادان إلى إسبانيا قبل 11 عاماً، عندما كان في السابعة عشر من عمره، بعد رحلة استمرت عامين. اعتاد الصحفيون على سؤال المهاجرين عن رحلتهم من موطنهم الأصلي إلى البلد الذي وصلوا إليه، لكننا نعرف أن ساني لا يُفضل كثيراً التطرّق للحديث حول رحلته إلى إسبانيا:
ــ هي ليست رحلة ممتعة، وإذا لم يكن لروايتها هدف واضح ونهاية، فأنا أفضل تجنب ذلك. جعل شخصاً ما يروي قصته وتذكر كل ذلك أمر صعب، يجب أن يكون لذلك هدف أو أن يجعل شيئاً ما يتحرك. أنهم يجعلونا مجرد رواة للقصص فقط.
صعوبات وتحديات
درس واجتهد، ووصل إلى الجامعة وتخرج من جامعة لويولا في إقليم الأندلس في العلاقات السياسية الدولية. هو الآن يتنقل بين البحث في الهجرة ومناهضة العنصرية والسياسات الدولية، والبحث قضايا الشرق الأوسط وإفريقيا. كما أنه يقدم التدريب ، ويشارك في دورات الماجستير وهو في طور إعداد كتاب آخر.
واجه ساني في إسبانيا العديد من الصعوبات، حيث تم نقله فور وصوله إلى مقاطعة سبتة إلى مركز استقبال المهاجرين CETI، وبقي فيه لمدة عام كامل، بعدها تم نقله إلى مركز احتجاز الأجانب CIE، يصفها بأنها أسوأ أيام حياته: “أسوأ 60 يوم عشتها في هذا البلد، بل أسوأ من النوم في الشارع، أنت لا تفهم سبب وجودك في السجن، ولا أحد يشرح لك ذلك، وأيضاً هي تعذيب نفسي وإرهاق عاطفي، حيث انقطع اتصالي مع عائلتي مرة أخرى، في الرحلة أولاً وفي هذا السجن ثانياً”.
تجاوز ساني لادان هذه التحديات لاحقاً، وتوجه لإكمال دراسته، ووجد نفسه في مأزق تكرار ما تعلمه سابقاً، ثم واجه صعوبة الحصول على منحة للدراسة الجامعية. يشرح حول ذلك: “لقد أخبروني أنه ليس لدي وحدة عائلية هنا، وبالتالي لا يمكنهم إعطائي المنحة الدراسية، وهو أمر متناقض، لأنه إذا لم يكن لدي وحدة عائلية، فهذا سبب إضافي لإعطائي المنحة وليس العكس”. لذلك درس في جامعة خاصة وفي السنة الثانية تم إعطائه منحة دراسية اعتماداً على وضعه الاقتصادي والأكاديمي، وكان يجب عليه التركيز كثيراً للحصول على أداء أكاديمي جيد للحفاظ على استمرارية المنحة.
تخرّج الشاب من الجامعة، وتوجه لسوق العمل وللبحث الأكاديمي، إلا أن لديه نضال دائم لاكتساب المعرفة: “إنها ليست معرفة محصورة في الدراسات أو التدريبات والكورسات، ولكن القليل من المعرفة بكل ما لدي من حولي”.
القمر في دوالا
يستلطف لادان الحديث حول كتابه الصادر حديثاً، ويشير له بين الحين والآخر خلال المقابلة، لقد كتبه بضمير المتكلم، لأنه ليس قصة مجردة، إنها قصة حقيقية، عاشها بنفسه. الكتاب عبارة عن رحلة تقود القارئ عبر عدة مراحل مؤثرة، بطلها مراهق عبر قارة بأكملها لمواصلة الدراسة. وأفضل ما يتلقاه المؤلف من ردود هو قول القرّاء له، أنهم من خلال قراءة الكتاب قاموا بمشاركته في الرحلة. يؤكد أن الكتاب ليس قصة حياته، لأن حياته أكبر بكثير من كل ما قاله بين دفتي الكتاب، لكن هي جزء من رحلة الهجرة الخاصة به.
يتضمن الكتاب الكثير من التحليلات والأشياء في الجغرافيا السياسية، وشرح للعلاقة بين أفريقيا وأوروبا، وعدم المساواة في العالم، حيث وفقاً لمؤلفه، فهناك جزء من الناس يجب أن تتعرض حياتهم للخطر، للعثور على مكان آمن. وفقاً لقرّاء الكتاب فإنه لا يُعد فقط عبارة عن قصة صغيرة أو قصة هجرة أخرى، ولكن عند قراءته تدرك أنه إذا كان هذا الشاب ساني قد قطع هذه الرحلة الخطيرة بهذه الطريقة، وهناك كُثر مثله يكررون هذه العملية، وهناك الكثير ممن مروا بها، وهناك الكثير ممن سيخوضونها لاحقاً.
كتب المؤلف الكتاب بهدف: “لكي يرانا الناس حقيقةً نحن المهاجرون كموضوعات سياسية ديناميكية ونشطة، فنحن لسنا فقراء ولا أشخاصاً سلبيين، نجلس مكتوفي الأيدي ونبدأ في البكاء على الأشياء التي تحدث لنا، ولكن نحن بعد أن نعيش التجربة، نحاول فهمها ونستخدم الأدوات لتقريب كل ما هو وراء أسباب الأطر حتى يفهمها الناس”.
ويوضح بأن هناك أهمية كبيرة أن يروي المهاجرون قصصهم بأنفسهم، لكن أن تُروي كأشخاص سياسيين. بالنسبة له، هذا مهم جداً: “لأنه في كثير من الأحيان يكون نضالنا غير مسيس وتنزع الشرعية عن مطالبنا مع هذا اللا تسييس، وهو ما يتعين علينا الفرار منه”.
الهجرة والسياسة
تتخلل السياسة حديث الشاب دائماً، التي تُشكّل جزءاً لا يتجزأ من شخصيته، يتم ملاحظة ذلك من اللحظات الأولى للحديث معه، هو يتحدث بخبرة عن الأحزاب السياسية، وله رأي في برامجهم ومقترحاتهم السياسية خلال الانتخابات البلدية والإقليمية والعامة، ويرى أن الكثير منها يبقى فقط كشعارات، وينتقد عدم وجود قانون للمساءلة، حيث الأحزاب في كل برنامج انتخابي تقدم الوعود ولا تفي بها. كما يرى أنها بعيدة كل البعد عمّا يطلبه المهاجرون.
يؤكد لادان أن بعض السياسيين يطلبون منهم تقديم مقترحات حول مسألة تنظيم الهجرة ومكافحة العنصرية، لكن الجواب بعد تجهيزها غالباً يكون بوصفها أنها مقترحات غير واقعية، ويتوجه هو لهم بالسؤال ما هو الاقتراح الواقعي؟ يوضح : “السبب في نعتها بعدم الواقعية هو النقص في الإرادة. هم يعدون كما يفعلون مع أي قضية أخرى، ولكن مع الهجرة من الواضح أنهم يستطيعون تقديم الوعود فقط، بينما لا يحققون حتى 10٪ مما هو مدرج في برنامجهم السياسي”.
يوضح أنه يجب الضغط أكثر على الأحزاب على السياسيين، لكنه يستدرك: “في هذه الحالة نحن المهاجرين، لا يمكننا القيام بالكثير من العمل ضمن جماعات ضغط، لأننا لا نملك هذه القوة، لأن الغالبية العظمى منّا لا تستطيع التصويت أولاً، وعندما لا تصوّت فلا أحد يفكر فيك لأنه لا يمكنك ممارسة الضغط. لذلك، يجب على المجتمع أن يشارك أيضاً في نضال المهاجرين، ليتم الطلب على سبيل المثال، إجراء إصلاح عميق لقانون الهجرة، ليكون قانوناً شاملاً، ووضع قانون لمكافحة العنصرية، والذي من الواضح أنه غير موجود في بلد مثل إسبانيا في القرن الحادي والعشرين، ومن المستغرب أنه لا يوجد قانون مثل هذا”.
يستغرق ويسهب في ذلك، ويقول: “كمهاجر أعتقد أنه جاء الوقت الذي يجب فيه على المجتمع والدولة تحمّل مسؤولياتهم، وعدم تركها فقط على ظهورنا، نحن نتفهم أنه يتوجب علينا القيام بهذا، ونحن نفعل هذا، وبصفتي أول من يعاني منه. لا أحد يحب أن يرى أنه بعد سنوات من خوض هذه الرحلة نفسها، لا يزال الناس يموتون في البحر اليوم، وعندما كنت أيضًا على وشك الموت في البحر منذ زمن طويل وحتى يومنا هذا، لم يتم العثور على حل. ولا يمكنهم القول أنه لا يوجد حل لأننا نعلم أن هناك حلول، ولكن هناك نقص في الإرادة السياسية، فاليوم ينفقون المال ويعطون الرئيس التونسي 100 مليار يورو لمنع الهجرة”.
الناشط المناهض للعنصرية والمهاجر الذي عايش الهجرة بنفسه، ينتقد وبشدة : “يبدو أننا كمهاجرين فقط لدينا واجبات علينا القيام بها، ولكن ليس لدينا حقوق، يذكرونا بواجباتنا يومياً، وعندما يتحدث أي مهاجر، يظهرون له ليخبروه بما عليه القيام به، ولكن ما هي حقوقه لا يتم توضيحها”. ويشرح بأن المهاجرين لديهم جهل حتى بالقانون الذي من المفترض أنه ينظمهم، وهو قانون الأجانب، وهذا ناتج عن التعتيم، حتى أن الموظفين العاملين في مكتب الهجرة لا ليس لديهم فكرة عمّا يجب أن يخبروا به المهاجر، حتى أنهم يقولون أشياء مختلفة لنفس الإجراء، وأن معظم المهاجرين يملكون المعلومات لأن مهاجر آخر قام بذات الإجراء وليس لأنه موضح في مكان ما.
يأمل أن يتحسن وضع المهاجرين، ولكنه يؤكد أن ذلك يحتاج الكثير من العمل : ” بدءاً من إصلاح قانون الهجرة الذي عفا عليه الزمن، وتنفيذ إصلاح لأوضاع المهاجرين، وحل مشكلة مواعيد مكاتب الهجرة”.
يواصل ساني لادان اليوم نضاله من خلال البحث ونشر كلّ ما يتعلّمه. ويرى أن رحلته إلى هذا البلد، كانت تستحق هذه المعاناة، حيث تعرّف على عائلات وأصدقاء ومجتمع جديد.
En español
Nos gustaría pedirte una cosa… personas como tú hacen que Baynana, que forma parte de la Fundación porCausa, se acerque cada día a su objetivo de convertirse en el medio referencia sobre migración en España. Creemos en el periodismo hecho por migrantes para migrantes y de servicio público, por eso ofrecemos nuestro contenido siempre en abierto, sin importar donde vivan nuestros lectores o cuánto dinero tengan. Baynana se compromete a dar voz a los que son silenciados y llenar vacíos de información que las instituciones y las ONG no cubren. En un mundo donde la migración se utiliza como un arma arrojadiza para ganar votos, creemos que son los propios migrantes los que tienen que contar su historia, sin paternalismos ni xenofobia.
Tu contribución garantiza nuestra independencia editorial libre de la influencia de empresas y bandos políticos. En definitiva, periodismo de calidad capaz de dar la cara frente a los poderosos y tender puentes entre refugiados, migrantes y el resto de la población. Todo aporte, por pequeño que sea, marca la diferencia. Apoya a Baynana desde tan solo 1 euro, sólo te llevará un minuto. Muchas gracias.
Apóyanosنود أن نسألك شيئًا واحدًا ... أشخاص مثلك يجعلون Baynana ، التي هي جزء من Fundación porCausa ، تقترب كل يوم من هدفها المتمثل في أن تصبح وسيلة الإعلام الرائدة في مجال الهجرة في إسبانيا. نحن نؤمن بالصحافة التي يصنعها المهاجرون من أجل المهاجرين والخدمة العامة ، ولهذا السبب نقدم دائمًا المحتوى الخاص بنا بشكل علني ، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه القراء أو مقدار الأموال التي لديهم. تلتزم Baynana بإعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم وسد فجوات المعلومات التي لا تغطيها المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. في عالم تُستخدم فيه الهجرة كسلاح رمي لكسب الأصوات ، نعتقد أن المهاجرين أنفسهم هم من يتعين عليهم سرد قصتهم ، دون الأبوة أو كراهية الأجانب.
تضمن مساهمتك استقلالنا التحريري الخالي من تأثير الشركات والفصائل السياسية. باختصار ، الصحافة الجيدة قادرة على مواجهة الأقوياء وبناء الجسور بين اللاجئين والمهاجرين وبقية السكان. كل مساهمة ، مهما كانت صغيرة ، تحدث فرقًا. ادعم Baynana من 1 يورو فقط ، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة. شكرا جزيلا
ادعمنا