fbpx
أراءالرئيسية

سوريا وأوكرانيا: نفس الألم

قصف "لصالح الشعب" وتهجير للمدنيين وتلاعب وخداع: بوتين اليوم في أوكرانيا يكرر نفس السيناريو الذي استخدمه في سوريا

إنّ مشهد الطائرات الحربية الروسية وقصفها للأراضي الأوكرانية وهروب المدنيين إلى الملاجئ، تنقلنا كسوريين إلى مشاهد التدّخل العسكري الروسي في سوريا وتدمير البيوت فوق رؤوس ساكنيّها. واقعٌ غضتْ الطرف عنه جميع دول العالم، ووقفت صامتةً سوى عن تصريحات لا تتجاوز حدّ الوعيد والتهديد. فهل يختلف الحال في أوكرانيا اليوم عن سوريا أمس أو حتى سوريا اليوم، إذ ما تزال روسيا في سوريا، وتواصل قصفها واحتلالها للأراضي السورية؟

منذ عودة بوتين رئيساً لروسيا ركّز اهتمامه على استعادة النفوذ الروسي بدائرته السوفيتية القديمة، وتكريس بلاده كلاعب عالميٍّ مؤثر، وانتقل من روسيا إلى مواجهة بؤر التوتر في العالم، واستخدام القوة العسكرية خارج إطار مجلس الأمن، بدءاً من الشيشان ثم جورجيا وغيرها وصولاً إلى التدّخل بسوريا وقصف المدن السورية منذ العام 2015 حتى اليوم. ولم يرَ العالم سوى صمتاً دولياً مُطبقاً، اقتصر على التصريحات الرنانة وحسب. ولا يوجد ما يشير إلى أن النتيجة هذه المرة ستكون مختلفة.

تقول روسيا اليوم بأنّها جاءت لأوكرانيا لصالح الشعب وقالتها سابقاً في سوريا، بينما الأرقام قالت غير ذلك. بدأت الطائرات الحربية الروسية قصف سوريا بتاريخ 30 أيلول 2015 بطلب من الدكتاتور بشار الأسد بعد فقدانه مساحات واسعة من الأراضي السورية لصالح المعارضة. منذ ذلك التاريخ وحتى 30 أيلول 2020، تسبب الجيش الروسي في مقتل 6589 مدنياً بينهم 2005 طفلاً و969 سيدة (أنثى بالغة)، بحسب بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي تعمل على توثيق الضحايا في سوريا. ساهم التدخل العسكري الروسي في سوريا إلى تغيير مسار الحرب وتحويلها لدوليّة. فهل يختلف التدخل الروسي في أوكرانيا عن تدّخلها في سوريا؟

تكرّر موسكو‬ اليوم السيناريو السوري في ⁧‫أوكرانيا‬⁩، وتقول وزارة الدفاع الروسية اليوم بعد بدء القصف على أوكرانيا بأنّه جرى تحضير فيديوهات مسبقة لـ ‘فبركة’ سقوط قتلى بين المدنيين في أوكرانيا، لنشرها في وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا ما فعلته في سوريا سابقاً، وهذا ما رأيناه، بينما ادّعى بوتين أنه يقتل عسكريين وإرهابيين يحاربون ضد الحكومة السورية فقط، وبأنّ الدفاع المدني السوري في مناطق المعارضة ’الخوذ البيضاء‘ كان يفبرك الفيديوهات والصور لوجود قتلى من المدنيين. وذلك بعيد كل البعد عن الصحة، حيث وثقت المنظمات الإنسانية آلاف القتلى من المدنيين تحت قصف الطيران الروسي. هو يكذب ويستمر في الإفلات من العقاب.

تشترط روسيا لوقف حربها على أوكرانيا أن لا يكون هناك أي تواجد لقوات التحالف الدولية ’الناتو‘ على الأراضي الأوكرانية، وعدم توقيع أي اتفاقيات مع الناتو أو الانضمام له. وقد اشترطت في حربها على الأراضي السورية من غوطة دمشق إلى حمص إلى حلب إلى درعا شرطاً مشابهاً لإيقاف حربها ضد الشعب السوري، وهو أن تُسلّم المعارضة جميع أسلحتها الثقيلة، ثم بعد تسليم الأسلحة تبدأ روسيا بفرض بقية شروطها التي تكون دائماً مُجحفة بحقّ أبناء الأرض، تنتهي بهم بطرح خيار تهجيرهم من أرضهم لأراضٍ أخرى. 

واقع آخر يظهر جلياً اليوم وهو مشهد النزوح الأوكراني، الذي يؤثّر فينا كسورييّن، ويثير فينا ذكريات مريرة تمتزج بين الغضب والألم، نحن اختبرنا جيداً شعور الفارّين من القصف، الذي تسبب سابقاً – إضافةً إلى آلاف الضحايا – في نزوح ملايين السوريين خوفاً من الطيران الحربي الروسي، الذي لا يمكن الاحتماء منه بالملاجئ تحت الأبنية، لذلك اختار الأهالي الهروب منه إلى المخيمات في السهول المجاورة للقرى، علّ ذلك يكون حمايةً لهم منه. كما لا يمكن إغفال الدور الروسي في التغيير الديموغرافي الذي يتبعه النظام السوري بمساندة روسيا، وذلك عبر حافلات التهجير الخضراء التي جابت العديد من المحافظات السورية، ونقلتْ عبرها مواطنين سوريين من أراضيهم إلى أراضي أخرى ضمن الخارطة السورية. 

تمرّ السنون والأيام ويبقى الحال هو الحال ويتبدل كلّ شيء ويتضاعف عدد الضحايا والمشردين في العالم، إلا المواقف الدولية تبقى ثابتة لا تتغير. فقد تركتْ أمريكا ومن خلفها دول الاتحاد الأوروبي السوريين منذ سنوات لمواجهة مصيرهم، على الرغم من تجاوز الأسد بمساندة ودعم روسيا جميع الخطوط الحمراء، حيث تم استخدام الأسلحة الجوية الروسية بكافة أنواعها في سوريا، وتم استخدام الأسلحة الكيماوية، دون أن يحرّك هذا العالم ساكناً. فهل يُترك الأوكرانيون لمصيرهم أيضاً أم يشفع لهم وجودهم على أرضٍ أوروبيّة؟

كاتب

  • Ayham Al Sati

    صحفي سوري، يعيش في مدريد منذ عام 2019. مؤسس ومحرر في مجلة بيننا، متخصص في الأدب العربي من جامعة دمشق، وعمل كصحفي خلال الحرب في سوريا منذ العام 2011. Es un periodista sirio. Vive en Madrid desde el año 2019. Cofundador y editor en la revista de Baynana.es. Es especialista en Literatura Árabe por la Universidad de Damasco y trabajó como periodista durante la guerra en Siria desde el año 2011. 

En español

Apóyanos
Con tu aportación haces posible que sigamos informando

Nos gustaría pedirte una cosa… personas como tú hacen que Baynana, que forma parte de la Fundación porCausa, se acerque cada día a su objetivo de convertirse en el medio referencia sobre migración en España. Creemos en el periodismo hecho por migrantes para migrantes y de servicio público, por eso ofrecemos nuestro contenido siempre en abierto, sin importar donde vivan nuestros lectores o cuánto dinero tengan. Baynana se compromete a dar voz a los que son silenciados y llenar vacíos de información que las instituciones y las ONG no cubren. En un mundo donde la migración se utiliza como un arma arrojadiza para ganar votos, creemos que son los propios migrantes los que tienen que contar su historia, sin paternalismos ni xenofobia.

Tu contribución garantiza nuestra independencia editorial libre de la influencia de empresas y bandos políticos. En definitiva, periodismo de calidad capaz de dar la cara frente a los poderosos y tender puentes entre refugiados, migrantes y el resto de la población. Todo aporte, por pequeño que sea, marca la diferencia. Apoya a Baynana desde tan solo 1 euro, sólo te llevará un minuto. Muchas gracias.

Apóyanos
ادعمنا
بمساهمتك الصغيرة تجعل من الممكن لوسائل الإعلام لدينا أن تستمر في إعداد التقارير

نود أن نسألك شيئًا واحدًا ... أشخاص مثلك يجعلون Baynana ، التي هي جزء من Fundación porCausa ، تقترب كل يوم من هدفها المتمثل في أن تصبح وسيلة الإعلام الرائدة في مجال الهجرة في إسبانيا. نحن نؤمن بالصحافة التي يصنعها المهاجرون من أجل المهاجرين والخدمة العامة ، ولهذا السبب نقدم دائمًا المحتوى الخاص بنا بشكل علني ، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه القراء أو مقدار الأموال التي لديهم. تلتزم Baynana بإعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم وسد فجوات المعلومات التي لا تغطيها المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. في عالم تُستخدم فيه الهجرة كسلاح رمي لكسب الأصوات ، نعتقد أن المهاجرين أنفسهم هم من يتعين عليهم سرد قصتهم ، دون الأبوة أو كراهية الأجانب.

تضمن مساهمتك استقلالنا التحريري الخالي من تأثير الشركات والفصائل السياسية. باختصار ، الصحافة الجيدة قادرة على مواجهة الأقوياء وبناء الجسور بين اللاجئين والمهاجرين وبقية السكان. كل مساهمة ، مهما كانت صغيرة ، تحدث فرقًا. ادعم Baynana من 1 يورو فقط ، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة. شكرا جزيلا

ادعمنا

Ayham Al Sati

صحفي سوري، يعيش في مدريد منذ عام 2019. مؤسس ومحرر في مجلة بيننا، متخصص في الأدب العربي من جامعة دمشق، وعمل كصحفي خلال الحرب في سوريا منذ العام 2011. Es un periodista sirio. Vive en Madrid desde el año 2019. Cofundador y editor en la revista de Baynana.es. Es especialista en Literatura Árabe por la Universidad de Damasco y trabajó como periodista durante la guerra en Siria desde el año 2011. 
زر الذهاب إلى الأعلى