fbpx
الرئيسيةحقوق

قساوة الرحلة من السودان حتى جدار مليلية

بشير وبلال، صديقان من السودان، فروا من الحرب في بلادهم و جمعهم طريق الهجرة في المغرب، تمكنوا من الدخول إلى مليلية يوم الجمعة الفائت مع 131 مهاجر آخرين، لكنهم عانوا من رحلة قاسية وشهدوا مقتل أصدقائهم على الجدار.

تلاشت أحلام العشرات من المهاجرين بمقتل أصحابها على جدار مدينة مليلية التي تحكمها إسبانيا. يصادف اليوم مرور أسبوع على مجزرة شهد عليها هذا الجدار الفاصل بين أوروبا وأفريقيا، مجزرة بحق عشرات المهاجرين الذين هربوا من الحروب في بلادهم بحثًا عن حياة كريمة.

استيقظت إسبانيا يوم الجمعة الفائت 24 حزيران 2022، على وقع كارثة إنسانية على حدودها الجنوبية، عندما حاول قرابة 1300 مهاجر العبور إلى مليلية بشكل جماعي. أفادت وسائل إعلام مختلفة أن 37 مهاجراً لقوا حتفهم أثناء محاولتهم تسلق الجدار الذي يبلغ ارتفاعه ستة أمتار، لكن بشير الذي تمكن من الدخول لا يتفق مع رواية وسائل الإعلام ويعتبر أن الكثير من المعلومات التي نشرت عن الحادثة هي مغلوطة، معتقدًا أن القتلى يمكن أن يتجاوز عددهم الستين، وذلك لأن الكثيرين ممن حاولوا الدخول لا يزالوا مفقودين، “لا يوجد لدينا اتصال بهم ولا نعرف عنهم شيئًا، ربما قتلوا أو تم اعتقالهم”.

بشير جلال البالغ من العمر 20 عام، من مدينة نيالا باقليم دارفور غرب السودان، غادر بلاده في أغسطس من العام 2020، إلى ليبيا، هدفه الوصول إلى أوروبا بحثًا عن حياة كريمة، يقول: “أريد أن أعيش كإنسان مثل أي إنسان آخر […]، وليس إنسان مهمّش، فالحكومة السودانية لا تعتبرني شيئاً بالنسبة لها”. 

عندما سألناه عن ليبيا التي تعد محطة للكثير من المهاجرين ومنهم السودانيون، يقول الشاب أنه “لا توجد إنسانية هناك، لكن إذا كان لديك هدف الوصول إلى أوروبا، يجب أن تتحمّل الصعاب”، وهذا ما حدث معه عندما أقام في ليبيا والمغرب، حيث تعرّض فيهما للشتم والضرب والسجن وعانى من العنصرية، كما يصف بأن من يحارب الهجرة بهذا الشكل العنيف هم “أشخاص مرضى، لأن الهجرة موجودة منذ مئات السنين”.

يضطر المهاجرون للعمل في ليبيا من أجل الحصول على الأموال التي لا يمكن دخول المغرب بدونها. بشير قام بهذا الإجراء، عمل وجمع الأموال وهاجر إلى المغرب، وصل في أكتوبر عام 2021، ومن هناك حاول الدخول إلى إسبانيا مرات عديدة لكنه فشل. محاولاته الأولى كانت بالقرب من حدود مدينة سبتة، يوضح الشاب أن معاملة الجيش في الجانب المغربي الأقرب إلى سبتة مختلفة تمامًا عن أولئك الذين يحاربون الهجرة في الناظور على حدود مليلية، “الشعب المغربي جيد، لكن الحكومة سيئة، لا يمكننا أن نشكرها بعد هذا التعامل القاسي مع المهاجرين”. اعتقل بشير في نوفمبر 2021 لمدة شهر في سجن الناظور، ووصف الوضع داخل السجن بأنه “سيء جدًا وغير إنساني، حيث توجد الحشرات والقمل وما إلى ذلك”.

بلال أحمد آدم (19 عاماً)، هو الآخر صديق بشير وينحدر من مدينته أيضًا، قرر أن يشق طريقه إلى أوروبا في سن مبكر بسبب الحرب في بلاده، حيث غادر باتجاه ليبيا في أواخر عام 2019، عندما كان قاصرًا يبلغ من العمر 16 عام, اتجه بلال إلى المغرب بهدف الدخول إلى إسبانيا، “كانت الحياة صعبة في المغرب، حيث كنت أنام في الشارع”، اضطر الشاب للإقامة في الشارع في المغرب لقرابة خمسة أشهر بظروف إنسانية سيئة، إذ حاول الدخول إلى إسبانيا مرتين، لم يتمكن في المرة الأولى وفي المرة الثانية تعرّض لكسور بيده ورجله بعد مطاردته وضربه من قبل عسكري مغربي، وفقًا له.

صورة للشاب بلال أحمد آدم وهو مصاب بيده نتيجة الاعتداء عليه من قبل الجيش المغربي في إحدى محاولاته للدخول إلى إسبانيا. خاصة بمجلة بيننا. 

الخميس صباحًا: مهاجمة الجبل 

قبل يوم واحد من تقدم المهاجرين الجماعي نحو الحدود، في صباح يوم الخميس 23 حزيران، وبعد رصد بالطائرات، هاجمت قوات مغربية جبال مدينة الناظور والتي يقيم ويتجمّع فيها المهاجرون عادًة (الناظور هي مدينة مغربية حدودية مع مليلية)، وذلك لتفريقهم وطردهم من ذلك الجبل، “تمت مهاجمتنا من قبل القوات المغربية، وضربوا العديد من الأشخاص […] أطلقوا الرصاص المطاطي وأصيب أحد الأشخاص الذين أعرفهم […] اسمه الطيب”، حاول الشبان المهاجرين طلب المساعدة لعلاج الشخص المصاب وكان الرد “لديكم مهلة 24 ساعة، إذا قمتم بالمغادرة سوف نعالج الشخص الجريح، إذا لم تغادروا الجبل سوف ندعه يموت”.

أوضح بشير خلال مقابلة عبر اتصال هاتفي مع مجلة بيننا، أن الطائرات كانت ترصد تجمّع المهاجرين من الأعلى قبل ظهور القوات المهاجمة التي يقدر عددها بـ 500 عسكري وهم من الدرك الملكي “كانوا منظمين على شكل مجموعات”، ثم حدث اشتباك بينهم وبين المهاجرين، “قاموا برمي الحجارة على المهاجرين واستهدافهم بالأسلحة وتعذيبهم (…) هناك شخص خرجت عينه من مكانها نتيجة الإصابة (…) سيارات الإسعاف كانت ترافق الدرك لإسعافهم في حال أصيبوا بجروح (…) وفي حال أن شخصاً مهاجراً مصاباً ذهب للإسعاف يتم ضربه”.

بعد ساعات قليلة من الهجوم، اضطر الجنود للانسحاب من قمة الجبل، وذلك بسبب الإرهاق والمعدات الثقيلة التي يرتدونها حسب ما أفاد بشير. 

القوات المهاجمة التي يترأسها الحرس الملكي وفقًا لرواية الشابين، طلبت من المهاجرين مغادرة الجبل عند الساعة الواحدة ظهرًا، لكن في الوقت ذاته لم يسمحوا لهم بالبقاء في شوارع المدن والنوم فيها ليلًا، إذ يتم اعتقال المهاجرين المتواجدين في الشوارع وزجهم في السجون أو إبعادهم إلى أماكن أخرى، يبلغ بلال بصوت متعب من مكان إقامته الجديد في مركز الاحتجاز في مليلية. يقيم الكثير من الأشخاص المهاجرين بينهم نساء وأطفال في مخيمات على هذه الجبال بظروف صعبة، ويعانون من الجوع والأمراض، حيث يطلبون المساعدة ولا توجد استجابة.

بعد انسحاب الدرك، وما بين الساعة الواحدة ظهرًا إلى الساعة السادسة مساءً بدأ المهاجرون يجمعون الطعام الموجود بحوزتهم وتقاسمه وذلك للتجهّز بدنيًا قبل الانطلاق باتجاه الحدود، يقول بشير: “لا تستطيع أن تقوم بهذه الرحلة ومعدتك فارغة من الطعام”. يوضح الشاب أن كل شخص مهاجر إفريقي في هذه المنطقة، يعرف الأماكن التي يتجمع فيها المهاجرين سواء كان على اتصال معهم أم لا، وهذا ما سهّل عملية التجمع قبل الانطلاق.

الدخول المميت

في صباح اليوم التالي، الجمعة، انطلق حشد المهاجرين البالغ عددهم قرابة 1300 وفقًا لبشير، نحو الحدود، لكن القوات المغربية باشرت بالتصدي لهم و استهدافهم بالرصاص المطاطي والحجارة والغاز المسيل للدموع ما أدى لاندلاع اشتباكات أصيب على إثرها عشرات من المهاجرين ومن الجنود المغاربة أيضًا حسبما أعلنت الحكومة المغربية.

“هناك أشخاص قتلوا من شدة الضرب عند الجدار وهذا قتل عمد” يقول بشير بحزن. في هذا السياق نشرت وسائل الإعلام إحصائيات متضاربة حول عدد القتلى، بعضهم أبلغ عن مقتل 23، وقسم آخر عن 37. وفي هذا السياق طالبت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي بإجراء تحقيق مستقل في ملابسات مقتل 23 مهاجرًا على الأقل أثناء محاولتهم العبور إلى مليلية، كما استنكر الناطق باسم المنظمة الدولية “ستيفان دوجاريك” لجوء المغرب وإسبانيا إلى “استخدام مفرط للقوة” ضد المهاجرين.

فيما قالت وزارة الداخلية الإسبانية رداً على مجلة بيينا في معرض استفسارها عمّا جرى، أن “النيابة الإسبانية فتحت تحقيقا، والنيابة لها الأولوية، الأمر الذي يمنع التحقيقات الإدارية”. فيما لم تجب السفارة المغربية في مدريد على أسئلة بيننا في هذا الصدد. 

بعد اجتياز أربعة أسلاك شائكة وحفرة، تمكن الشابان وعدد من أصدقائهم الدخول بعد تجاوز الجدار، وبعد تعرّضهم للضرب من قبل القوات المغربية والإسبانية، لكن الفرح والحزن بذات الوقت يسيطران على هؤلاء الشبان، لكن يبقى شعور بشير بعد دخول مليلية كبيراً، ويقول بأنه يشبه شعور الفرح “بالفوز في دوري الأبطال”.

قضى الشبان بضع ايام في الحجر الصحي، لكن المسؤولة القانونية في منظمة ثيار “Marta Llonch” أكدت لمجلة بيننا أنهم انتهوا من الحجر يوم الأربعاء وشاركوا في الاحتجاج الذي خرج مساء الأربعاء أمام مركز CETI الذي يدين مقتل أصدقائهم. أشارت مارتا إلى أن الشرطة الوطنية سوف تبدأ بالقدوم إلى المركز ابتداء من هذا الخميس لمنحهم مواعيد للمباشرة بإجراءات طلب اللجوء. 

تقول مارتا أنه من الصعب معرفة الوقت الذي سوف يستغرق للرد على ملفاتهم، لأن الفترة القانونية هي ستة أشهر، لكن في بعض الأوقات يتأخر الرد لأكثر من عامين.

بلغ بلال وبشير هدفهما لكن رفيقهما في السفر حنين لم يصل وهو من الشبّان السودانيين الذين فقدوا حياتهم على الحدود. ويختتم بشير “الفرح يدوم إلى أن نتذكر مقتل صديقنا”.

كاتب

  • Okba Mohammad

    Cubrió la guerra en el sur de Siria de 2015 a 2018 con medios locales. También se ha dedicado a documentar violaciones de derechos humanos de detenidos durante el conflicto. En 2019 trabajó como corresponsal independiente en Turquía y posteriormente viajó a España, donde ha colaborado con medios como Global Voices y el diario Público. Actualmente trabaja como reportero en Baynana

En español

Apóyanos
Con tu aportación haces posible que sigamos informando

Nos gustaría pedirte una cosa… personas como tú hacen que Baynana, que forma parte de la Fundación porCausa, se acerque cada día a su objetivo de convertirse en el medio referencia sobre migración en España. Creemos en el periodismo hecho por migrantes para migrantes y de servicio público, por eso ofrecemos nuestro contenido siempre en abierto, sin importar donde vivan nuestros lectores o cuánto dinero tengan. Baynana se compromete a dar voz a los que son silenciados y llenar vacíos de información que las instituciones y las ONG no cubren. En un mundo donde la migración se utiliza como un arma arrojadiza para ganar votos, creemos que son los propios migrantes los que tienen que contar su historia, sin paternalismos ni xenofobia.

Tu contribución garantiza nuestra independencia editorial libre de la influencia de empresas y bandos políticos. En definitiva, periodismo de calidad capaz de dar la cara frente a los poderosos y tender puentes entre refugiados, migrantes y el resto de la población. Todo aporte, por pequeño que sea, marca la diferencia. Apoya a Baynana desde tan solo 1 euro, sólo te llevará un minuto. Muchas gracias.

Apóyanos
ادعمنا
بمساهمتك الصغيرة تجعل من الممكن لوسائل الإعلام لدينا أن تستمر في إعداد التقارير

نود أن نسألك شيئًا واحدًا ... أشخاص مثلك يجعلون Baynana ، التي هي جزء من Fundación porCausa ، تقترب كل يوم من هدفها المتمثل في أن تصبح وسيلة الإعلام الرائدة في مجال الهجرة في إسبانيا. نحن نؤمن بالصحافة التي يصنعها المهاجرون من أجل المهاجرين والخدمة العامة ، ولهذا السبب نقدم دائمًا المحتوى الخاص بنا بشكل علني ، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه القراء أو مقدار الأموال التي لديهم. تلتزم Baynana بإعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم وسد فجوات المعلومات التي لا تغطيها المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. في عالم تُستخدم فيه الهجرة كسلاح رمي لكسب الأصوات ، نعتقد أن المهاجرين أنفسهم هم من يتعين عليهم سرد قصتهم ، دون الأبوة أو كراهية الأجانب.

تضمن مساهمتك استقلالنا التحريري الخالي من تأثير الشركات والفصائل السياسية. باختصار ، الصحافة الجيدة قادرة على مواجهة الأقوياء وبناء الجسور بين اللاجئين والمهاجرين وبقية السكان. كل مساهمة ، مهما كانت صغيرة ، تحدث فرقًا. ادعم Baynana من 1 يورو فقط ، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة. شكرا جزيلا

ادعمنا

Okba Mohammad

Cubrió la guerra en el sur de Siria de 2015 a 2018 con medios locales. También se ha dedicado a documentar violaciones de derechos humanos de detenidos durante el conflicto. En 2019 trabajó como corresponsal independiente en Turquía y posteriormente viajó a España, donde ha colaborado con medios como Global Voices y el diario Público. Actualmente trabaja como reportero en Baynana
زر الذهاب إلى الأعلى