fbpx
الرئيسيةحقوقسوريا

يتامى الزلزال تحت تأثير ما بعد الصدمة

خلّفتْ أحداث الكارثة المرعبة أثرًا جسديًا ونفسيًا على الأطفال اللاجئين في تركيا، الذين عايشوا أحداثاً وعانوا من تفاصيل لا يمكن محوها بسهولة من ذاكرتهم، بعد أن فقد العديد منهم أمهاتهم وأخوتهم نتيجة الزلزال.

آلاء حسون – غازي عنتاب 

بنظرات لا تخلو من الحزن يقف الطفل أحمد قلاع على أنقاض منزله في مدينة أنطاكيا جنوب تركيا (مركز الزلزال الذي وقع في السادس من شباط الماضي)، يتذكر الحياة التي كان يعيشها قبل الزلزال الذي أنهى حياة والدته وأشقائه الخمسة، بعد أن انهار المبنى المؤلف من ثلاثة طوابق، الذي كانوا يسكنون فيه.

خلّفت أحداث الكارثة المرعبة أثرًا جسديًا ونفسيًا على الأطفال اللاجئين الذين عايشوا أحداثاً وعانوا من تفاصيل لا يمكن محوها بسهولة من ذاكرتهم، بعد أن فقد العديد منهم لأمهاتهم وأخوتهم نتيجة الزلزال. وثّق تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان وفاة 10024 سوريًا ثلثهم من النساء، منهم 5439  لاجئًا في تركيا، كان من بين هؤلاء الضحايا والدة الطفل قلاع وأشقائه، وأيضًا والدة طفل آخر يُدعى مصطفى وأشقائه. 

نزح الطفل أحمد البالغ من العمر 11 عام من مسقط رأسه مخيم اليرموك بريف دمشق في عام 2013، باتجاه تركيا مع عائلته عندما كان عمره عاماً واحداً. ترك الزلزال أثرًا كبيرًا على الطفل، لدرجة أنه لم يستطع العودة إلى مدرسته حتى بعد مرور أسابيع  على الزلزال. لم يتبقَ لأحمد من العائلة المكونة من ثمانية أفراد سوى والده، وحقيبة والدته التي عثر عليها بين ركام المنزل.

بقيت والدة أحمد التي فقدت الحياة وهي كانت تمسك بيده، في مخيلته حيث يقول الطفل أنه يشاهدها مع اشقائه في كل مكان، “لا شيء يعوضني عنهم”، يعبّر الطفل الذي يعيش الآن في منزل مسبق الصنع مع والده في مدينة أنطاكيا، حاله حال العديد من أولئك الذين أعادت الكارثة الأكثر فتكًا في تاريخ المنطقة، تشريدهم مرّةً أخرى. 

برامج للدعم النفسي

شكّل اللجوء قبل الزلزال وبعده ضغطاً كبيراً على الأطفال وحتى على البالغين، حيث وفقاً للمسؤولة عن برنامج حماية الطفل في منظمة غراس النهضة والمرشدة النفسية يمامة دادو خلال مقابلة مع مجلة بيننا فإن جميع الأشخاص الذين عاشوا أحداث الزلزال، تأثروا بشكل ما، نفسيًا أو جسديًا، موضحة أن الاستجابة تختلف من شخص لآخر: “هناك الكثير من ردات الفعل ظهرت نتيجة هذا التأثير، فهناك أشخاص تغيّرت سلوكياتهم وخاصة الأطفال”.

 لافتةً إلى أن هناك برامج ممنهجة للدعم النفسي الاجتماعي تسمى PSS: “نعمل من خلال هذه البرامج على التخفيف من المشاكل النفسية التي يصاب فيها هؤلاء الأشخاص”. عندما كانت دادو تمارس عملها في مراكز الإيواء التي أُنشئت بعد وقوع الزلزال، رأت أطفالاً يلعبون وآخرين كان ظاهراً عليهم التأثر من خلال مشاكل في سلوكياتهم وردود فعل عدوانية بسبب عدم قدرتهم على التعبير على ما في داخلهم، تشرح : “لذلك يعبرّون عنه بالعدوان وهناك حالات أخرى انطوائية لا يمكنهم التعبير عمّا يشعرون به تجاه ما حدث، كما أن هناك نسبة كبيرة من الأطفال أصابهم التبوّل اللاإرادي”.

توضح المرشدة النفسية أن أول ما يقوم به المعالجون النفسيون عند وقوع كارثة طبيعية أو حتى في حالة حرب، هو تقديم العون النفسي الأولي للأشخاص المتضررين الذين هم بحاجة دعم، وذلك عن طريق توفير الرعاية والمساندة “دون تطفّل” وأيضََا سماعهم ومحاولة توصيلهم بجهات حتى تقدم لهم الاحتياجات الأساسية.

أحداث مرعبة عاشها الأطفال 

سمع الطفل الآخر مصطفى صراخ والده لحظة وقوع الزلزال: “هيا بنا إلى الشارع”، انهار المنزل قبل خروج الطفل، يتذكر صراخ أخوته ووالدته الذي انقطع بعد دقائق. عند الحديث معه، لم تكن الدموع تفارق الطفل حزنًا على والدته وأشقائه الثلاث.  مسك مصطفى بيد شقيقته صبا آنذاك، لكنها لم تبدي ردة فعل، ثم أخذ هاتفها واتصل بأقاربه ليبلغهم أنهم عالقون تحت الأنقاض.

كانت تلك الليلة باردة جدًا على مصطفى أثناء تواجده تحت الأنقاض، تواصل مع والده بالصراخ وأخبره بذلك، ثم بدأ يحفر بالأنقاض إلى أن وصل إلى والده، الذي عانقه وأمره بالتبوّل حتى يشعر بالدفئ. نام الطفل لعدة ساعات واستيقظ بعدها على صوت أقاربه الذين كانوا يحفرون للوصول إليهم، وصلوا بالفعل وتمكنوا من إنقاذهم، لكن والدته وأشقائه فارقوا الحياة، وتم انتشالهم بعد مرور خمسة أيام ودفنهم في قبر جماعي في ولاية غازي عنتاب. يعيش الطفل الآن في منزل جده في مدينة غازي عنتاب بعد أن هُُجّر من أنطاكيا.

بدوره الأخصائي النفسي إسماعيل الزلق يقول بأن هناك فئة من الأطفال تمكنوا من استعادة صحتهم النفسية خلال الأسابيع الأولى، لكن توجد فئة أخرى ظهرت لديهم أعراض مثل الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة، وهؤلاء يحتاجون إلى أخصائي نفسي لعلاجهم. 

يشرح الزلق: “عند تعرض الطفل لحدث صادم، فهو بحاجة لأن يستعيد نمط حياته السابقة، مثل العودة إلى منزله ومدرسته وتأمين احتياجاته الأساسية، بالإضافة إلى أن التعامل الإيجابي لعائلته معه يلعب دوراً هاماً في مرحلة العلاج”. لكن في هذه الحالة، بقي العديد من الأطفال مشردين بسبب فقدانهم لمنازلهم. وفقاً لاحصائيات الأمم المتحدة فإنه بعد مرور شهر واحد على الزلزال لا يزال حوالي 850 ألف طفل نازح.

قدّرتْ الأمم المتحدة من خلال تقرير لها عدد الأطفال المتضررين من الزلزال والهزات الارتدادية التي أعقبته بنحو سبعة ملايين طفل، حيث تضرر 2.5 مليون طفل في سوريا، و4.5 ملايين آخرين في تركيا.

أعادت إسبانيا توطين 250 سورياً كانوا لاجئين في تركيا، و تضرروا بسبب الزلزال. من بينهم 89 في شهر آذار، و 161 آخرين في شهر أيار، وفقًا لوكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة. 

 يبقى هؤلاء الأطفال يعانون من أزمات نفسية حقيقية، لما عاشوه من البقاء تحت الأنقاض ومن مرارة الفقد، ويحتاجون إلى دعم نفسي يمكن أن يسهم في التخفيف من آثار الصدمة، إلى جانب احتياجهم إلى مؤسسات حكومية وغير حكومية ترعاهم وتقدم لهم هذا الدعم أو حتى على الأقل تقدم لهم المأوى. في الوقت ذاته، تخشى العديد من العائلات السورية التي لجأت إلى تركيا من إعادتها إلى بلادها بعد حملة التطبيع مع النظام السوري، وفي حال فوز أحزاب المعارضة في الانتخابات والتي تهدد باستمرار بإعادة اللاجئين.

كاتب

  • baynana

    Baynana es un medio online bilingüe -en árabe y español- que apuesta por el periodismo social y de servicio público. Nuestra revista aspira a ofrecer información de utilidad a la comunidad arabófona en España y, al mismo tiempo, tender puentes entre las personas migrantes, refugiadas y españolas de origen extranjero, y el resto de la población.

En español

Apóyanos
Con tu aportación haces posible que sigamos informando

Nos gustaría pedirte una cosa… personas como tú hacen que Baynana, que forma parte de la Fundación porCausa, se acerque cada día a su objetivo de convertirse en el medio referencia sobre migración en España. Creemos en el periodismo hecho por migrantes para migrantes y de servicio público, por eso ofrecemos nuestro contenido siempre en abierto, sin importar donde vivan nuestros lectores o cuánto dinero tengan. Baynana se compromete a dar voz a los que son silenciados y llenar vacíos de información que las instituciones y las ONG no cubren. En un mundo donde la migración se utiliza como un arma arrojadiza para ganar votos, creemos que son los propios migrantes los que tienen que contar su historia, sin paternalismos ni xenofobia.

Tu contribución garantiza nuestra independencia editorial libre de la influencia de empresas y bandos políticos. En definitiva, periodismo de calidad capaz de dar la cara frente a los poderosos y tender puentes entre refugiados, migrantes y el resto de la población. Todo aporte, por pequeño que sea, marca la diferencia. Apoya a Baynana desde tan solo 1 euro, sólo te llevará un minuto. Muchas gracias.

Apóyanos
ادعمنا
بمساهمتك الصغيرة تجعل من الممكن لوسائل الإعلام لدينا أن تستمر في إعداد التقارير

نود أن نسألك شيئًا واحدًا ... أشخاص مثلك يجعلون Baynana ، التي هي جزء من Fundación porCausa ، تقترب كل يوم من هدفها المتمثل في أن تصبح وسيلة الإعلام الرائدة في مجال الهجرة في إسبانيا. نحن نؤمن بالصحافة التي يصنعها المهاجرون من أجل المهاجرين والخدمة العامة ، ولهذا السبب نقدم دائمًا المحتوى الخاص بنا بشكل علني ، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه القراء أو مقدار الأموال التي لديهم. تلتزم Baynana بإعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم وسد فجوات المعلومات التي لا تغطيها المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. في عالم تُستخدم فيه الهجرة كسلاح رمي لكسب الأصوات ، نعتقد أن المهاجرين أنفسهم هم من يتعين عليهم سرد قصتهم ، دون الأبوة أو كراهية الأجانب.

تضمن مساهمتك استقلالنا التحريري الخالي من تأثير الشركات والفصائل السياسية. باختصار ، الصحافة الجيدة قادرة على مواجهة الأقوياء وبناء الجسور بين اللاجئين والمهاجرين وبقية السكان. كل مساهمة ، مهما كانت صغيرة ، تحدث فرقًا. ادعم Baynana من 1 يورو فقط ، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة. شكرا جزيلا

ادعمنا

baynana

Baynana es un medio online bilingüe -en árabe y español- que apuesta por el periodismo social y de servicio público. Nuestra revista aspira a ofrecer información de utilidad a la comunidad arabófona en España y, al mismo tiempo, tender puentes entre las personas migrantes, refugiadas y españolas de origen extranjero, y el resto de la población.
زر الذهاب إلى الأعلى