fbpx
الرئيسية

نكهات حلوى المطبخ العربي في قلب مدريد

يعكس متجر حلويات شام - الذي أسسه زوجان من أصل سوري يعيشان في إسبانيا - هوية وتقاليد الشرق الأوسط من خلال فن الطهي.

نور منصور وأحمد بصمجي هما اثنان من رواد الأعمال يعيشان في مدريد منذ عام 2012. غادرا سوريا بعد تعرضهما لواحدة من أولى الهجمات بالقنابل في مدينتهما حلب. وفي عام 2015، أنشأوا محل حلويات سوري – لبناني باسم “شام”، ينتج الآن أكثر من أربعة آلاف حبة من المعجنات بشكل يومي، ومن خلال ذلك العمل ينشرون ثقافة وهوية العالم العربي.

نور منصور (مدريد، 40 عاماً) وأحمد بصمجي (حلب، 44 عاماً) يستقبلان زوّار محلّهم. يتحدثان معاً: “بعض الزبائن دائمين، وقسم آخر يأتي بدافع الفضول”. يقولان ذلك أثناء جلوسهما أمام نافذة أحد محلات الحلويات الثلاثة التي أسسها الزوجان الشابان في العاصمة الإسبانية مدريد. شام هو اسم محل الحلويات السوري اللبناني الذي أنشأه هذان الزوجان في عام 2015. ويقولان: “دفعنا الشوق إلى سوريا إلى الحلم في هذا الفضاء، الذي يذكّرنا بحياتنا قبل الحرب”.

الموسيقى ووحدة الأسرة ونكهات الحلوى العربية، ليست سوى بعض العناصر التي – على الرغم من افتقادهما لها – يحاولان استعادتها من خلال مغامرتهما. ولهذا السبب ما زالت قلوبهم تنقبض عند تذكر ذلك اليوم الذي قررا فيه مغادرة بلدهما سوريا. كان ذلك في 10 شباط/فبراير 2012. يقول الزوج: “الخوف الذي شعرنا به في ذلك اليوم لا يغادر ذاكرتنا”. مشيراً إلى واحدة من أولى هجمات القصف، التي تم تسجيلها في مدينته الأصلية حلب، شمال غرب سوريا، والتي خلفت 235 جريحاً ومقتل 28 قتيلاً في تلك اللحظة.

يعلق على ذلك الاستهداف بسمجي وهو جالس أمام زوجته نور: “كانت الساعة التاسعة صباحاً، سمعنا صوت انفجار، وتحطّم زجاج نوافذ المنزل، وركضت لرؤية ابنتي”، تعقب نور: “كان الأمر مروّعاً”. ما لم يتخيله الاثنان هو أن هذا الهجوم سيكون في الواقع واحدًا من أولى الهجمات التي ستعاني منها البلاد بأكملها منذ اندلاع الانتفاضة ضد الرئيس الأسد في مارس 2011، وأنه سيجر البلاد إلى أزمة إنسانية، هي الأطول والأكثر تعقيدا في يومنا هذا. وتستمر الحرب في سوريا منذ ما يزيد على 12 عامًا، مخلفة دمارًا هائلاً أجبر 6.8 مليون شخص على النزوح، بينما اضطر 6.6 مليون آخرين إلى البحث عن ملجأ في بلدان أخرى (8.019 في إسبانيا)، وفقًا للأمم المتحدة.

الهجرة وتحدي البدء من جديد

من أبوين سوريين يعيشان في مدريد، ولدت نور ونشأت في إسبانيا، بثقافة وتأثير عربي. تقول: “لم يكن هناك صيف واحد لم أسافر فيه إلى حلب، أرض آبائي وأجدادي، لقد وقعا [الوالدان] في الحب هناك وعادا للعيش في مدريد بعد الزواج”. نور وزوجها وقعا في الحب في سوريا أيضًا. كان ذلك صيف عام 2007 في أحد أسواق حلب. يقول الزوج بسمجي والابتسامة في عينيه: “نظرت إليها من بعيد، كانت مع والدتها وقريباتها، لم أتمكن من الاقتراب منها، لكنني شعرت أنها حب حياتي، لذلك طلبت من والدتي مساعدتي في الحصول على رقم هاتفها”.

بعد مرور عام، كانا يعرفان بعضهما ولكن عن بعد. كانت هي في الثالثة والعشرين من عمرها وتعيش في مدريد، بينما هو في الثامنة والعشرين ويعيش في حلب. يؤكدان بأنهما بعد وقت قصير من زواجهما، قررا أن يؤسسا حياتهما في سوريا، وبقيا على ذلك حتى العام 2012 عندما اضطرا للسفر إلى إسبانيا.

تقول نور: “عندما وصلنا إلى مدريد لم نفكر في البقاء، غادرنا سوريا بحقيبتين على أمل العودة قريبًا، لكن الحرب في البلاد طال أمدها وكان علينا إعادة التفكير في حياتنا”. لم يتخيلا أبدًا تكريس حياتهما للمعجنات والحلويات. إنه مهندس معماري وهي لغوية، درست في حلب، ثم تخصصت في فقه اللغة العربية في مدريد، رغم أنها تعترف بأنها عندما كانت طفلة كانت تحلم بأن تصبح صحافية.

أحمد بسمجي في محل معجنات الشام وسط مدريد، كانون الأول/ديسمبر 2023. صورة: محمد شباط.

لدى وصولهما، وجدا الأزمة الاقتصادية في إسبانيا عام 2008 قد بدأت. بالنسبة لبسمجي كانت اللغة والتأخيرات الإدارية ونقص فرص العمل والرغبة في مواصلة مهنته كمهندس معماري، هي أولى العقبات التي كان عليه أن يتخطاها. أجبرهما نقص فرص العمل على الاختيار بين تحقيق الذات والبقاء على قيد الحياة. هكذا بدأت الرحلة العظيمة لهذين الزوجين، وبعد عام من البحث عن وظائف تتعلق بدراستهما، قررا تغيير حياتهما.

بدأ العمل بسمجي كنادل في أحد مطاعم “شكرًا” اللبنانية، ونور عملت كسكرتيرة في إحدى السفارات. بعد وقت قصير من البدء، كان الشاب قد تحول بالفعل من كونه نادلًا إلى مسؤول عن منطقة المعجنات في المطعم، ثم أصبح هو وزوجته نور مالكين للمنشأة. في ذلك الوقت، في عام 2015، قررا تأسيس محل الحلويات السوري اللبناني “شام”.

ركن سوري في مدريد

يعد شام حاليًا أحد أكثر محلات الحلويات العربية تمثيلًا في مدريد. تأسست هذه المساحة منذ ثماني سنوات في متجر صغير يقع بالقرب من الطريق السريع M30، في شارع “أنطونيو كالفو”، وتبيع ما يقرب من 4000 كعكة يوميًا، أكثر من 30 نوعًا مختلفًا.

توضح نور: “إن فن الطهي يستحضر هوية سوريا، والتقاليد، وذكرى أجدادنا، وكيف كانت حياتنا قبل الحرب”، تقول هذا بينما تندمج مع قدوم وذهاب الزبائن. وفي الخلفية تسمع أنغام المطربة اللبنانية فيروز الملقبة بـ”سفيرة النجوم”. تتابع: “سوريا تستيقظ على صوت فيروز، نريد أن نكون ذلك الركن الصغير الذي يعيد الهوية العربية”.

على الرغم من أن “شام” ولدت كأسلوب حياة للزوجين فقط، إلا أن الحقيقة هي أن البحث عن الوصفات والنكهات والمنتجات التي تشبه إلى حد كبير الحلويات التقليدية في العالم العربي، قد أيقظ فيهما شغف المشاركة والعطاء وثراء الهوية السورية. تعتبر المعمول والبقلاوة وأعشاش الفستق والكنافة هي النجوم، لكن الحمص والفلافل والمتبل يبرزون أيضًا.

نور منصور، في محل معجنات شام وسط مدريد، كانون الأول/ديسمبر 2023. صورة: محمد شباط

تشرح الشابة: “بينما نغادر سوريا نشعر بالكثير من الحزن ونظل مدمرين، بسبب ما يحدث هناك. نريد إعادة بناء بلدنا وكسر الصور النمطية عن العالم العربي”. لذلك، سواء في التصميم الداخلي للمباني، وكذلك في تحديد موقع العلامة التجارية لمتجر المعجنات، يظهر جلياً ثراء الثقافة العربية. صمم بسمجي واجهات اثنين من المتاجر. “أردنا أن تبدو مثل قلعة حلب التي تعد من أكبر وأقدم القلاع في العالم وتقع في وسط المدينة القديمة”. وفي الوقت نفسه، تُبرز الزوجة الخط العربي والتقاليد السورية عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

يعدّ اسم “شام” هو اسم المنطقة التاريخية المسماة “بلاد الشام” سوريا الكبرى، إلا أنه اسم الابنة الأولى للزوجين. يؤكدان أن “كلمة شام تحدد هويتنا ومن خلالها يمكننا أن نظهر ثراء هذا التنوع الثقافي”.

“لم تدمر الحرب جمال ثقافة البلاد وهويتها”، ولم تمنعهما من ربط فن الطهي العربي بإسبانيا، 70% من زبائن “شام” هم من الإسبان، والـ 30% المتبقية فقط هم من العرب. وتختم نور الحديث: “نحن نجعل أطفالنا يشعرون بالفخر بجذورهم، لقد أصبح لديهم الآن إرث ليحملوه”.

كاتب

  • Paula Herrera Camacho

    Paula Herrera, escribe sobre derechos humanos, migraciones, derechos mujeres y diversidades. Máster de periodismo en Diario El País. Ha estudiado comunicación social en la Universidad Central del Ecuador. Premio “Gerda Taro”, por el especial “Cinco mandamientos que (mal)educan a las mujeres”.

    View all posts

En español

Apóyanos
Con tu aportación haces posible que sigamos informando

Nos gustaría pedirte una cosa… personas como tú hacen que Baynana, que forma parte de la Fundación porCausa, se acerque cada día a su objetivo de convertirse en el medio referencia sobre migración en España. Creemos en el periodismo hecho por migrantes para migrantes y de servicio público, por eso ofrecemos nuestro contenido siempre en abierto, sin importar donde vivan nuestros lectores o cuánto dinero tengan. Baynana se compromete a dar voz a los que son silenciados y llenar vacíos de información que las instituciones y las ONG no cubren. En un mundo donde la migración se utiliza como un arma arrojadiza para ganar votos, creemos que son los propios migrantes los que tienen que contar su historia, sin paternalismos ni xenofobia.

Tu contribución garantiza nuestra independencia editorial libre de la influencia de empresas y bandos políticos. En definitiva, periodismo de calidad capaz de dar la cara frente a los poderosos y tender puentes entre refugiados, migrantes y el resto de la población. Todo aporte, por pequeño que sea, marca la diferencia. Apoya a Baynana desde tan solo 1 euro, sólo te llevará un minuto. Muchas gracias.

Apóyanos
ادعمنا
بمساهمتك الصغيرة تجعل من الممكن لوسائل الإعلام لدينا أن تستمر في إعداد التقارير

نود أن نسألك شيئًا واحدًا ... أشخاص مثلك يجعلون Baynana ، التي هي جزء من Fundación porCausa ، تقترب كل يوم من هدفها المتمثل في أن تصبح وسيلة الإعلام الرائدة في مجال الهجرة في إسبانيا. نحن نؤمن بالصحافة التي يصنعها المهاجرون من أجل المهاجرين والخدمة العامة ، ولهذا السبب نقدم دائمًا المحتوى الخاص بنا بشكل علني ، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه القراء أو مقدار الأموال التي لديهم. تلتزم Baynana بإعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم وسد فجوات المعلومات التي لا تغطيها المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. في عالم تُستخدم فيه الهجرة كسلاح رمي لكسب الأصوات ، نعتقد أن المهاجرين أنفسهم هم من يتعين عليهم سرد قصتهم ، دون الأبوة أو كراهية الأجانب.

تضمن مساهمتك استقلالنا التحريري الخالي من تأثير الشركات والفصائل السياسية. باختصار ، الصحافة الجيدة قادرة على مواجهة الأقوياء وبناء الجسور بين اللاجئين والمهاجرين وبقية السكان. كل مساهمة ، مهما كانت صغيرة ، تحدث فرقًا. ادعم Baynana من 1 يورو فقط ، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة. شكرا جزيلا

ادعمنا

Paula Herrera Camacho

Paula Herrera, escribe sobre derechos humanos, migraciones, derechos mujeres y diversidades. Máster de periodismo en Diario El País. Ha estudiado comunicación social en la Universidad Central del Ecuador. Premio “Gerda Taro”, por el especial “Cinco mandamientos que (mal)educan a las mujeres”.
زر الذهاب إلى الأعلى