fbpx
حقوق

من مدريد : “يجب إيجاد حل فوري للقضية الفلسطينية”

تشرح الشابة راما الحفيان في مظاهرة في مدريد :"فلسطين لست وحدك، نحن معك، كل الشعوب معك"، وتوافقها صديقتها ياسمينة جداد: "الشعوب تعتني ببعضها".

“إنّنا حين نقف مع الإنسان فذلك شيءٌ لا علاقة له بالدم واللحم وتذاكر الهوية وجوازات السفر”، تُلخص هذه الكلمات للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني في روايته عائد إلى حيفا، هتافات المتظاهرين وسط العاصمة الإسبانية مدريد يوم الأحد 29 أكتوبر، بل وفي كل المظاهرات التي خرجت في العديد من الأقاليم الإسبانية الأخرى، من غرناطة إلى برشلونة إلى بلباو إلى جميع أنحاء القارة الأوروبية.

شارك في المظاهرة التي بدأت في مدريد الساعة الثانية عشر من ظهر الأحد 35 ألف شخصٍ، وفقاً للوفد الحكومي. بدأ هذا التجمّع في ساحة أوتشا وسط العاصمة وسار إلى أن وصل إلى ساحة سول، وحمل المتظاهرون لافتات وهتفوا بشعارات تدين العنف الإسرائيلي في قطاع غزة، والذي يصفونه في هتافاتهم أنه: “إبادة جماعية وليس حرباً”. ورفعوا لافتات كُتب على أحدها: “إسرائيل تقتل برعاية أوروبية”.

بدأ العنف في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر بعد هجوم حماس على مواقع عسكرية إسرائيلية في غلاف قطاع غزة المحاصر منذ العام 2006، والذي يعيش فيه أكثر من مليوني إنسان فلسطيني. بلغ عدد ضحايا القصف الإسرائيلي ما يزيد على ثمانية آلاف شخص، بينهم 3324 طفلاً و2062 امرأة، إضافةً إلى إصابة ما يزيد على 20242 بجروح، وفق البيانات الأخيرة الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، التي أصبحت تنشر قوائم اسمية للقتلى. 

“الشعوب تعتني ببعضها”

تؤكد الشابة من أصل سوري والمولودة في إسبانيا راما الحفيان أثناء تواجدها في المظاهرة في مدريد تضامنها مع الشعب الفلسطيني وتقول: “فلسطين لست وحدك، نحن معك، كل الشعوب معك، وما يحصل لا يمكن قبوله، وهذا الصمت العالمي لا يوحي بالطمأنينة”.  تنتقد الشابة الصمت الأوروبي والعربي، وتصف الحكّام بأنهم يتضامنون مع إسرائيل التي تقصف الأبرياء، وهي التي لا تتجاوز العشرين تشرح بلهجتها السورية الأصلية ما يحصل، وتضع على كتفها علماً للثورة السورية مكتوبٌ عليه ’حرية‘: “هذا غير إنساني، يجب عليهم التحرّك، لا يمكن إيجاد حل دون تحرّكهم”.

تقاسم راما ذات الرأي صديقتها التي ترافقها كتفاً بكتف طوال فترة المظاهرة الشابة العشرينية ياسمين جداد التي تصف نفسها بأنها تتكون من نصفين، الأول إسباني والآخر مغربي، تقول : “الشعوب تعتني ببعضها”. تشعر بالمسؤولية وبالذنب أحياناً، لأنها لا تعرف ما يجب عليها فعله لمساعدة الفلسطينيين. وتؤكد: “التظاهر مهم، على الأقل لمنح صوت للمنكوبين في غزة، وتوعية للناس بأن ما يُرتكب هناك يعدّ جريمة”. 

الشابتان راما الحفيان من أصل سوري، وياسمينة جداد من أصل مغربي، من وسط ساحة سول وسط مدريد. أيهم الساطي

شارك في المظاهرة وسط مدريد وزيرة الحقوق الاجتماعية بالإنابة، إيوني بيلارامن، ونائبة رئيس الحكومة بالإنابة، جولاندا دياز، ومن المظاهرة علّقتْ الأولى: “لا نريد أن نكون متواطئين في هذه الإبادة الجماعية. يجب تعليق العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، ويجب تطبيق عقوبات اقتصادية نموذجية، ويجب تنفيذ حظر الأسلحة”. وأما دياز فقالت: “كلنا نطالب بوقف إطلاق النار. نحن نتحدث عن جرائم حرب وأنا أطالب منذ أيام بتوضيح المسؤوليات القانونية”.

إدانات مشابهة لإسرائيل وتضامن مع غزة من قبل بعض السياسيين الإسبان، لكن كلّ ذلك “لا يكفي، هم قلّة قليلة”، تؤكد راما. وتقول صديقتها ياسمينة: كل الذين في المناصب العليا يديرون ظهورهم لما يحدث”.

 الشاب إدواردو غارسيا علي  متظاهر آخر هو مواطن مدريدي وابن أحد المهجّرين الفلسطينيين من قطاع غزة منذ سنوات طويلة، فرّ الأب من الحرب إلى إسبانيا وتزوج هنا وأنجب إدواردو، يؤكد الشاب الذي يرافق والدته ومجموعة من الفلسطينيين والإسبان بأن هناك حركات مؤيدة لفلسطين في إسبانيا من الشعب ومن الجماعات السياسية، لكن الدعم اللفظي شيء واتخاذ إجراءات شيء آخر، وفق رأيه. يؤكد: “الإدانة هي كلمات، لكن ليس هناك أي إجراءات لإجبار إسرائيل على تغيير أفعالها”.

“نضال فلسطين هو نضال من أجل الحرية العالمية”

رفع المتظاهرون في مدريد لافتة كبيرة في مقدمة المظاهرة، مكتوب عليها باللغتين العربية والإسبانية: “من النهر إلى البحر فلسطين ستنتصر”، في إشارة منهم إلى حدود فلسطين بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط. من جانب هذه اللافتة يقول إدوارد غارسيا : “دائماً ومن خلال الخداع، كانت إسرائيل تستولي على أرضنا، وتقتل السكان المدنيين، لقد كان كل ذلك بالمخادعة، والسياسات التي اتبعوها كانت دائماً هي نفسها، لقد كنت هناك في غزة في العام 2005 ضمن منحة لتعليم اللغة الإسبانية، ورأيت ذلك بنفسي”. يوضح الشاب أن القضية الفلسطينية لم تبدأ في السابع من أكتوبر 2023 بل عمر هذه القضية قديم جداً. تروي حول ذلك بدورها ياسمينة: “إنها 75 عاماً من الاحتلال غير الشرعي”.

في هذا السياق يشرح المؤرخ الفلسطيني الأمريكي والبروفيسور في جامعة كولومبيا رشيد الخالدي في كتابه ‘حرب المئة عام على فلسطين‘ أن هناك ستة أحداث يعتبرها أنها تمثّل تحوّل الصراع الفلسطيني، بدايتها بوعد بلفور سنة 1917 الذي حدد مصير فلسطين، بعدها حرب النكبة سنة 1948، ثم قرار مجلس الأمن رقم 242 لعام 1967، تلا ذلك الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، واتفاقية أوسلو للسلام 1993، ويلفت أيضاً إلى زيارة الرئيس الإسرائيلي شارون للقدس عام 2000، ثم إلى حصار إسرائيل لغزة وحروبها المتكررة خلال السنوات الماضية.

أما الشاب إليماني قَدِم للمظاهرة مرتدياً قميصاً لفريق كرة القدم للاجئين الفلسطينيين في تشيلي في أمريكا اللاتينية فيؤكد بأن نضال فلسطين هو قتال من أجل الحرية العالمية للدفاع عن حقوق الإنسان، وليس معركة الشعب الفلسطيني أو العربي فقط، بل هي معركة جميع الشعوب التي تريد عالماً ينعم بالسلام، “عالم يسوده العدل، عالم يمكن العيش فيه بغض النظر عن الجنسية والدين”.

الشاب الكولومبي إليماني من شارع القلعة وسط مدريد. أيهم الساطي

يضيف: “هناك تقاعس من المجتمع الدولي في الغرب ومن الدول العربية والأمم المتحدة، هم يتكلمون ولا يفعلون، وهذا ليس له قيمة. لذلك إنه لحزن ما نراه، ليس في فلسطين فقط بل نراه في سوريا أيضاً وأرمينيا وفي أمريكا اللاتينية، مع الأسف هذا هو العالم الذي نعيش فيه”. 

وأمّا مروان الحسني في الستينيات من العمر، فلسطيني مُهجّر إلى الأردن منذ صغره في العام 1948، ويعيش في إسبانيا منذ سنوات طويلة، فيصيح من وسط ساحة سول في مدريد برفقة ثلاثة من أولاده: “ما يحصل هو مجزرة بحق الشعب الفلسطيني، ويجب أن يتوقف فوراً بإيجاد حل فوري للقضية الفلسطينية”.

مروان الحسني فلسطيني مُهجّر منذ 1948 برفقة أولاده الثلاثة في المظاهرة في ساحة سول وسط مدريد. أيهم الساطي

كاتب

  • Ayham Al Sati

    صحفي سوري، يعيش في مدريد منذ عام 2019. مؤسس ومحرر في مجلة بيننا، متخصص في الأدب العربي من جامعة دمشق، وعمل كصحفي خلال الحرب في سوريا منذ العام 2011. Es un periodista sirio. Vive en Madrid desde el año 2019. Cofundador y editor en la revista de Baynana.es. Es especialista en Literatura Árabe por la Universidad de Damasco y trabajó como periodista durante la guerra en Siria desde el año 2011. 

En español

Apóyanos
Con tu aportación haces posible que sigamos informando

Nos gustaría pedirte una cosa… personas como tú hacen que Baynana, que forma parte de la Fundación porCausa, se acerque cada día a su objetivo de convertirse en el medio referencia sobre migración en España. Creemos en el periodismo hecho por migrantes para migrantes y de servicio público, por eso ofrecemos nuestro contenido siempre en abierto, sin importar donde vivan nuestros lectores o cuánto dinero tengan. Baynana se compromete a dar voz a los que son silenciados y llenar vacíos de información que las instituciones y las ONG no cubren. En un mundo donde la migración se utiliza como un arma arrojadiza para ganar votos, creemos que son los propios migrantes los que tienen que contar su historia, sin paternalismos ni xenofobia.

Tu contribución garantiza nuestra independencia editorial libre de la influencia de empresas y bandos políticos. En definitiva, periodismo de calidad capaz de dar la cara frente a los poderosos y tender puentes entre refugiados, migrantes y el resto de la población. Todo aporte, por pequeño que sea, marca la diferencia. Apoya a Baynana desde tan solo 1 euro, sólo te llevará un minuto. Muchas gracias.

Apóyanos
ادعمنا
بمساهمتك الصغيرة تجعل من الممكن لوسائل الإعلام لدينا أن تستمر في إعداد التقارير

نود أن نسألك شيئًا واحدًا ... أشخاص مثلك يجعلون Baynana ، التي هي جزء من Fundación porCausa ، تقترب كل يوم من هدفها المتمثل في أن تصبح وسيلة الإعلام الرائدة في مجال الهجرة في إسبانيا. نحن نؤمن بالصحافة التي يصنعها المهاجرون من أجل المهاجرين والخدمة العامة ، ولهذا السبب نقدم دائمًا المحتوى الخاص بنا بشكل علني ، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه القراء أو مقدار الأموال التي لديهم. تلتزم Baynana بإعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم وسد فجوات المعلومات التي لا تغطيها المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. في عالم تُستخدم فيه الهجرة كسلاح رمي لكسب الأصوات ، نعتقد أن المهاجرين أنفسهم هم من يتعين عليهم سرد قصتهم ، دون الأبوة أو كراهية الأجانب.

تضمن مساهمتك استقلالنا التحريري الخالي من تأثير الشركات والفصائل السياسية. باختصار ، الصحافة الجيدة قادرة على مواجهة الأقوياء وبناء الجسور بين اللاجئين والمهاجرين وبقية السكان. كل مساهمة ، مهما كانت صغيرة ، تحدث فرقًا. ادعم Baynana من 1 يورو فقط ، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة. شكرا جزيلا

ادعمنا

Ayham Al Sati

صحفي سوري، يعيش في مدريد منذ عام 2019. مؤسس ومحرر في مجلة بيننا، متخصص في الأدب العربي من جامعة دمشق، وعمل كصحفي خلال الحرب في سوريا منذ العام 2011. Es un periodista sirio. Vive en Madrid desde el año 2019. Cofundador y editor en la revista de Baynana.es. Es especialista en Literatura Árabe por la Universidad de Damasco y trabajó como periodista durante la guerra en Siria desde el año 2011. 
زر الذهاب إلى الأعلى